قال  أبو يوسف  إذا استأجر الرجل أجيرا كل شهر بعشرة دراهم ليشتري له ويبيع ، ثم دفع المستأجر إلى الأجير دراهم مضاربة ،  فالمضاربة فاسدة ، والربح كله للدافع ، ولا شيء للأجير سوى الأجرة . 
وقال  محمد    : المضاربة جائزة ولا شيء للأجير ، في الوقت الذي يكون مشغولا بعمل المضاربة . 
( وجه ) قول  محمد  أنه لما دفع إليه المضاربة فقد اتفقا على ترك الإجارة ونقضها ، فما دام يعمل بالمضاربة فلا أجر له ، ولأن الإجارة شركة ، لهذا لا تقبل التوقيت . 
ولو شاركه بعد ما استأجره جازت الشركة ، فكذا المضاربة  ولأبي يوسف  أنه لما استأجره فقد ملك عمله ، فإذا دفع إليه مضاربة فقد شرط للمضارب ربحا بعمل قد ملكه رب المال ، وهذا لا يجوز ولأن المضارب يعمل لنفسه ، فلا يجوز أن يستوجب الربح والأجر ، ولا يجوز أن ينقض الإجارة بالمضاربة ; لأن الإجارة أقوى من المضاربة ; لأنها لازمة ، والمضاربة ليست بلازمة والشيء لا ينتقض بما هو أضعف منه وما ذكر  محمد  أن المضاربة شركة . 
فالجواب أن الشريك يستحق الربح بالمال ، والمضارب بالعمل ، ورب المال قد ملك العمل ، فلا يجوز أن يستحق المضارب الربح ، ولأن الشريك يعمل لنفسه ، فكأنه امتنع من عمل الإجارة ، فيسقط عنه الأجرة بحصته ، والمضارب يعمل لرب المال فبقي عمله على الإجارة ولو اشترى المضارب بمال المضاربة وهو ألف ، عبدا قيمته ألف ، فقتل عمدا ،  فلرب المال القصاص ; لأن العبد ملكه على الخصوص لا حق للمضارب فيه ، وإن كانت قيمته ألفين ، لم يكن فيه قصاص ، وإن اجتمعا ; لأن ملك كل واحد منهما لم يتعين أما رب المال فلأن رأس المال ليس هو العبد ، وإنما هو الدراهم . 
ولو أراد أن يعين رأس ماله في العبد ، كان للمضارب أن يمنعه عن ذلك ، حتى يبيع ويدفع إليه من الثمن ، وإذا لم يتعين ملك رب المال ، لم يتعين ملك المضارب قبل استيفاء رأس المال ، وإذا لم يتعين ملكهما في العبد ، لم يجب القصاص لواحد منهما وإن اجتمعا ، وتؤخذ قيمة العبد  [ ص: 102 ] من القاتل في ماله في ثلاث سنين ; لأن القصاص سقط في القتل العمد لمانع مع وجود السبب ، فتجب الدية في ماله ويكون المأخوذ على المضاربة يشتري به المضارب ويبيع ; لأنه بدل مال المضاربة ، فيكون على المضاربة كالثمن . 
وذكر  محمد  في النوادر   : إذا كان في يد المضارب عبدان ، قيمة كل واحد منهما ألف ، فقتل رجل أحد العبدين عمدا ،  لم يكن لرب المال عليه قصاص ; لأن ملك رب المال لم يتعين في العبد المقتول على ما بينا ، وعلى القاتل قيمته في ماله ، ويكون في المضاربة لما قلنا والأصل أن في كل موضع وجب بالقتل القصاص خرج العبد عن المضاربة ، وفي كل موضع وجب بالقتل مال فالمال على المضاربة ; لأن القصاص إذا استوفي فقد هلك مال المضاربة ، وهلاك مال المضاربة يوجب بطلان المضاربة ، والقيمة بدل مال المضاربة ، فكانت على المضاربة كالثمن . 
وقال  محمد    : وإذا اشترى المضارب ببعض مال المضاربة عبدا يساوي ألفا ، فقتله رجل عمدا ،  فلا قصاص فيه ، لا لرب المال ، ولا للمضارب ، ولا لهما إذا اجتمعا أما رب المال فلأنه لو استوفى القصاص لا يصير مستوفيا لرأس المال بالقصاص ; لأن القصاص ليس بمال ولهذا لو عفا المريض عن القصاص كان من جميع المال ، وإذا لم يصر به مستوفيا رأس ماله ، يستوفي رأس المال من بقية المال ، وإذا استوفى تبين أن العبد كان ربحا ، فتبين أنه انفرد باستيفاء القصاص عن عبد مشترك . 
( وأما ) المضارب فلأنه لم يتعين له فيه ملك ، ولا يجوز لهما الإجماع على الاستيفاء لهذا المعنى ، وهو أن حق كل واحد منهما غير متعين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					