وأما الابتداء من يمين الحجر لا من يساره فليس من شرائط الجواز بلا خلاف بين أصحابنا حتى يجوز الطواف منكوسا بأن افتتح الطواف عن يسار الحجر ، ويعتد به ، وعند الشافعي هو من شرائط الجواز لا يجوز بدونه ، واحتج بما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح الطواف من يمين الحجر لا من يساره } ، وذلك تعليم منه صلى الله عليه وسلم مناسك الحج .
وقد قال عليه الصلاة والسلام [ ص: 131 ] { خذوا عني مناسككم } فتجب البداية بما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم ولنا قوله تعالى { ، وليطوفوا بالبيت العتيق } مطلقا من غير شرط البداية باليمين أو باليسار .
وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم محمول على الوجوب ، وبه نقول إنه واجب كذا ذكره الإمام القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه تجب عليه الإعادة ما دام بمكة ، وإن رجع إلى أهله يجب عليه الدم .
وكذا ذكر في الأصل ، ووجهه أنه ترك الواجب ، وهو قادر على استدراكه بجنسه فيجب عليه ذلك تلافيا للتقصير بأبلغ الوجوه ، وإذا رجع إلى أهله فقد عجز عن استدراكه الفائت بجنسه فيستدركه بخلاف جنسه جبرا للفائت بالقدر الممكن على ما هو الأصل في ضمان الفوائت في الشرع ، وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي ما يدل على أنه سنة فإنه قال أجزأه الطواف ، ويكره ، وهذا أمارة السنة .
وأما سننه فنذكرها عند بيان سنن الحج ، ولا رمل في هذا الطواف إذا كان الطواف طواف اللقاء ، وسعى عقيبه ، وإن كان لم يطف طواف اللقاء أو كان قد طاف لكنه لم يسع عقيبه فإنه يرمل في طواف الزيارة ، والأصل فيه أن الرمل سنة طواف عقيبه سعي ، وكل طواف يكون بعده سعي يكون فيه رمل ، وإلا فلا لما نذكر إن شاء الله عند بيان سنن الحج ، والترتيب بين أفعاله .


