وأما الصنف الثاني فميقاتهم للحج أو العمرة دويرة أهلهم  أو حيث شاءوا من الحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم  لقوله عز وجل : { وأتموا الحج والعمرة لله    } روينا عن  علي  ،  وابن مسعود  رضي الله عنهما أنهما قالا حين سئلا عن هذه الآية : إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك ، فلا يجوز لهم أن يجاوزوا ميقاتهم للحج أو العمرة إلا محرمين ، والحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم  كشيء واحد ، فيجوز إحرامهم إلى آخر أجزاء الحل كما يجوز إحرام الآفاقي من دويرة أهله إلى آخر أجزاء ميقاته ، فلو جاوز أحد منهم ميقاته يريد الحج أو العمرة فدخل الحرم  من غير إحرام فعليه دم ، ولو عاد إلى الميقات قبل أن يحرم أو بعد ما أحرم ، فهو على التفصيل والاتفاق والاختلاف الذي ذكرنا في الآفاقي إذا جاوز الميقات بغير إحرام . 
وكذلك الآفاقي إذا حصل في البستان ، أو المكي إذا خرج إليه فأراد أن يحج أو يعتمر فحكمه حكم أهل البستان ، وكذلك البستاني أو المكي إذا خرج إلى الآفاق صار حكمه حكم أهل الآفاق لا تجوز مجاوزته ميقات أهل الآفاق . 
وهو يريد الحج أو العمرة إلا محرما لما روينا من الحديثين ، ويجوز لمن كان من أهل هذا الميقات وما بعده دخول مكة  لغير الحج أو العمرة بغير إحرام عندنا ، ولا يجوز ذلك في أحد قولي  الشافعي  ، وذكر في قوله الثالث : إذا تكرر دخولهم يجب عليهم الإحرام في كل سنة مرة ، والصحيح : قولنا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { رخص للحطابين أن يدخلوا مكة  بغير إحرام   } ، وعادة الحطابين أنهم لا يتجاوزون الميقات . 
وروي عن  ابن عمر  رضي الله عنهما أنه خرج من مكة  إلى قديد ،  فبلغه خبر فتنة بالمدينة ،  فرجع ودخل مكة  بغير إحرام ، ولأن البستان من توابع الحرم  فيلحق به ، ولأن مصالح أهل البستان  [ ص: 167 ] تتعلق بمكة  فيحتاجون إلى الدخول في كل وقت ، فلو منعوا من الدخول إلا بإحرام لوقعوا في الحرج ، وأنه منفي شرعا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					