فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم فيما حازه المشركون من أموال المسلمين ، ثم ظهر عليه المسلمون ، أو أسلم عليه المشركون  
في "  البخاري   " : أن فرسا  لابن عمر  رضي الله عنه ذهب وأخذه العدو ، فظهر عليه المسلمون فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبق له عبد فلحق بالروم  ، فظهر عليه المسلمون فرده عليه خالد  في زمن أبي بكر  رضي الله  [ ص: 70 ] عنه  . 
وفي " سنن أبي داود   " : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي رد عليه الغلام  ) . وفي " المدونة " و" الواضحة " ( أن رجلا من المسلمين وجد بعيرا له في المغانم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن وجدته لم يقسم فخذه ، وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته  ) . 
وصح عنه : أن المهاجرين طلبوا منه دورهم يوم الفتح بمكة  ، فلم يرد على أحد داره . ( وقيل له : أين تنزل غدا من دارك بمكة  ؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل  منزلا  ) ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة  وثب عقيل  على رباع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة  فحازها كلها ، وحوى عليها ، ثم أسلم وهي في يده ، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أسلم على شيء فهو له ، وكان عقيل  ورث أبا طالب  ، ولم يرثه علي  لتقدم إسلامه على موت أبيه ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث من عبد المطلب  فإن أباه عبد الله  مات وأبوه عبد المطلب  حي ، ثم مات عبد المطلب  فورثه أولاده ، وهم أعمام النبي صلى الله عليه وسلم ، ومات أكثر أولاده ولم يعقبوا ، فحاز أبو طالب  رباعه ثم مات ، فاستولى عليها عقيل  دون علي  لاختلاف الدين ، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فاستولى عقيل  على داره ؛ فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وهل ترك لنا عقيل  منزلا  ) . 
وكان المشركون يعمدون إلى من هاجر من المسلمين ولحق بالمدينة  فيستولون على داره وعقاره ، فمضت السنة أن الكفار المحاربين إذا أسلموا لم يضمنوا ما أتلفوه على المسلمين من نفس أو مال  ، ولم يردوا عليهم أموالهم التي غصبوها عليهم ، بل من أسلم على شيء فهو له ، هذا حكمه وقضاؤه صلى الله عليه وسلم . 
				
						
						
