فإن قيل : فكيف تصنعون في رواية همام  عن قتادة  في هذا الحديث " : ويدمى " قال همام   : سئل قتادة  عن قوله : و " يدمى " كيف يصنع بالدم ؟ فقال : إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة ، واستقبلت بها أوداجها ، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى تسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق  . 
قيل : اختلف الناس في ذلك فمن قائل : هذا من رواية الحسن  عن سمرة  ، ولا يصح سماعه عنه ، ومن قائل : سماع الحسن  عن سمرة  حديث العقيقة هذا صحيح ، صححه  الترمذي  وغيره ، وقد ذكره  البخاري  في " صحيحه " عن  حبيب بن الشهيد  ، قال : قال لي  محمد بن سيرين   : اذهب فسل الحسن  ممن سمع حديث العقيقة ؟ فسأله ، فقال : سمعته من سمرة   . 
ثم اختلف في التدمية بعد ، هل هي صحيحة أو غلط ؟ على قولين . فقال أبو داود  في " سننه " : هي وهم من  همام بن يحيى   . وقوله ويدمى ، إنما هو " ويسمى " وقال غيره : كان في لسان همام  لثغة فقال : " ويدمى " وإنما أراد أن يسمى ، وهذا لا يصح ، فإن هماما  وإن كان وهم في اللفظ ولم يقمه لسانه ، فقد حكى عن قتادة  صفة التدمية وأنه سئل عنها ، فأجاب بذلك ، وهذا لا تحتمله اللثغة بوجه . فإن كان لفظ التدمية هنا وهما ، فهو من قتادة  ، أو من الحسن  ، والذين أثبتوا لفظ التدمية قالوا : إنه من سنة العقيقة ، وهذا مروي عن الحسن  وقتادة  ، والذين منعوا التدمية كمالك  ،  والشافعي  ، وأحمد  وإسحاق  ، قالوا : " ويدمى " غلط ، وإنما هو " ويسمى " قالوا : وهذا كان من عمل أهل الجاهلية ، فأبطله الإسلام بدليل ما رواه أبو داود  ، عن  بريدة بن الحصيب  قال : ( كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ، ولطخ رأسه بدمها  ، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح  [ ص: 299 ] شاة ، ونحلق رأسه ، ونلطخه بزعفران  ) . 
قالوا : وهذا وإن كان في إسناده  الحسين بن واقد  ، ولا يحتج به ، فإذا انضاف إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أميطوا عنه الأذى  ) ، والدم أذى ، فكيف يأمرهم أن يلطخوه بالأذى ؟ 
قالوا : ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن  والحسين  بكبش كبش ، ولم يدمهما ، ولا كان ذلك من هديه وهدي أصحابه قالوا : وكيف يكون من سنته تنجيس رأس المولود ، وأين لهذا شاهد ، ونظير في سنته ، وإنما يليق هذا بأهل الجاهلية . 
				
						
						
