فكان هذا سبب غزوة بني النضير   ، فإنه خرج إليهم ليعينوه في ديتهما لما بينه وبينهم من الحلف ، فقالوا : نعم ، وجلس هو وأبو بكر  وعمر  وعلي  ، وطائفة من أصحابه ، فاجتمع اليهود  وتشاوروا وقالوا : من رجل يلقي على محمد هذه الرحى فيقتله ؟ فانبعث أشقاها عمرو بن جحاش  ، لعنه الله ، ونزل جبريل  من عند رب العالمين على رسوله يعلمه بما هموا به ، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقته راجعا إلى المدينة  ، ثم تجهز وخرج بنفسه لحربهم ، فحاصرهم ست ليال ، واستعمل على المدينة   ابن أم مكتوم  ، وذلك في ربيع الأولى . 
قال  ابن حزم   : وحينئذ حرمت الخمر ، ونزلوا على أن لهم ما حملت إبلهم  [ ص: 223 ] غير السلاح ، ويرحلون من ديارهم ، فترحل أكابرهم كحيي بن أخطب  ، وسلام بن أبي الحقيق  إلى خيبر  ، وذهبت طائفة منهم إلى الشام  ، وأسلم منهم رجلان فقط يامين بن عمرو  ، وأبو سعد بن وهب  ، فأحرزا أموالهما وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني النضير  بين المهاجرين الأولين خاصة ؛ لأنها كانت مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، إلا أنه أعطى  أبا دجانة  ،  وسهل بن حنيف  الأنصاريين لفقرهما . 
وفي هذه الغزوة نزلت سورة الحشر ، هذا الذي ذكرناه هو الصحيح عند أهل المغازي والسير . 
وزعم  محمد بن شهاب الزهري  أن غزوة بني النضير  كانت بعد بدر  بستة أشهر ، وهذا وهم منه أو غلط عليه ، بل الذي لا شك فيه أنها كانت بعد أحد  ، والتي كانت بعد بدر  بستة أشهر هي غزوة بني قينقاع  ، وقريظة  بعد الخندق  ، وخيبر  بعد الحديبية  ، وكان له مع اليهود  أربع غزوات ، أولها : غزوة بني قينقاع  بعد بدر  ، والثانية : بني النضير  بعد أحد  ، والثالثة : قريظة  بعد الخندق  ، والرابعة : خيبر  بعد الحديبية   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					