وأصل آخر : في الحيض والاستحاضة فإن مسائل الاستحاضة من أشكل أبواب الطهارة ، وفي الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنن : سنة في المعتادة أنها ترجع إلى عادتها  ، وسنة في المميزة أنها تعمل بالتمييز  ، وسنة في المتحيرة التي ليست لها عادة ولا تتميز   [ ص: 39 ] بأنها تتحيض غالب عادات النساء ستا أو سبعا ، وأن تجمع بين الصلاتين إن شاءت . 
فأما السنتان الأولتان ففي الصحيح ، وأما الثالثة : فحديث  حمنة بنت جحش  ، رواه أهل السنن وصححه  الترمذي  ، وكذلك قد روى  أبو داود  وغيره في  سهلة بنت سهيل  بعض معناه . 
وقد استعمل  أحمد  هذه السنن الثلاث في المعتادة المميزة والمتحيرة ، فإن اجتمعت العادة والتمييز  قدم العادة في أصح الروايتين ، كما جاء في أكثر الأحاديث . 
فأما   أبو حنيفة  فيعتبر العادة إن كانت ، ولا يعتبر التمييز ولا الغالب ، بل إن لم تكن عادة إن كانت مبتدأة حيضها حيضة الأكثر ، وإلا حيضة الأقل . 
ومالك  يعتبر التمييز ولا يعتبر العادة ولا الأغلب ، فإن [ لم يكن تمييز ] لم يعتبر العادة ولا الأغلب فلا يحيضها ، بل تصلي أبدا إلا في الشهر الأول ، فهل تحيض أكثر الحيض ، أو عادتها وتستظهر ثلاثة أيام ؟ على روايتين . 
 والشافعي  يستعمل التمييز والعادة دون الأغلب ، فإن اجتمع قدم التمييز ، وإن عدم صلت أبدا ، واستعمل من الاحتياط في الإيجاب والتحريم والإباحة ما فيه مشقة عظيمة علما وعملا . 
فالسنن الثلاث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالات الفقهية استعملها فقهاء الحديث ووافقهم في كل منها طائفة من الفقهاء . 
 [ ص: 40 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					