والمقصود من العقود : إنما هو القبض والاستيفاء    . فإن المعاقدات تفيد وجوب القبض وجوازه ، بمنزلة إيجاب الشارع ،   [ ص: 167 ] ثم التقابض ونحوه وفاء بالعقود ، بمنزلة فعل المأمور به في الشرعيات . 
والقبض ينقسم إلى صحيح وفاسد ، كالعقد . وتتعلق به أحكام شرعية ، كما تتعلق بالقبض ، فإذا كان المرجع في القبض إلى عرف الناس وعاداتهم من غير حد يستوي فيه جميع الناس في جميع الأحوال والأوقات ، فكذلك العقود ، وإن حررت عبارته قلت : أحد نوعي التصرفات . فكان الرجوع فيه إلى عادة الناس كالنوع الآخر . 
ومما يلتحق بهذا : أن الإذن العرفي في الإباحة أو التمليك أو التصرف بطريق الوكالة كالإذن اللفظي ، فكل واحد من الوكالة والإباحة ينعقد بما يدل عليها من قول وفعل ، والعلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى . 
وعلى هذا يخرج مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن  عثمان بن عفان  بيعة الرضوان ، وكان غائبا ، وإدخاله أهل الخندق إلى منزل  أبي طلحة  ومنزل  جابر  بدون استئذانهما ؛ لعلمه أنهما راضيان بذلك . ولما دعاه - صلى الله عليه وسلم - اللحام سادس ستة : اتبعهم رجل ، فلم يدخله حتى استأذن اللحام الداعي ، وكذلك ما يؤثر عن  الحسن البصري     : أن أصحابه لما دخلوا منزله وأكلوا طعامه قال : ذكرتموني أخلاق قوم قد مضوا . 
وكذلك معنى قول  أبي جعفر     : إن الإخوان من يدخل   [ ص: 168 ] أحدهم يده في جيب صاحبه فيأخذ منه ما شاء . 
ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن استوهبه كبة شعر : " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب    : فقد وهبته لك   " وكذلك إعطاؤه المؤلفة قلوبهم عند من يقول : إنه أعطاهم من أربعة الأخماس . 
وعلى هذا خرج الإمام  أحمد  بيع  حكيم بن حزام  وعروة بن الجعد  لما وكله النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراء شاة بدينار ، فاشترى شاتين وباع إحداهما بدينار   . 
فإن التصرف بغير استئذان خاص : تارة بالمعاوضة ، وتارة بالتبرع ، وتارة بالانتفاع ، مأخذه : إما إذن عرفي عام ، أو خاص . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					