بيان ما يخص الدعوة والضيافة 
فضيلة الضيافة    : 
قال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه وفي أثر : لا خير فيمن لا   [ ص: 97 ] يضيف   . 
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الإيمان قال : إطعام الطعام وبذل السلام    . 
وقال صلى الله عليه وسلم في الكفارات والدرجات : إطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام   . 
أما الدعوة : 
فينبغي للداعي أن يعمد بدعوته الأتقياء دون الفساق ، قال صلى الله عليه وسلم : أكل طعامك الأبرار   . 
وفي أثر : لا تأكل إلا طعام تقي ولا يأكل طعامك إلا تقي ولا يقتصر على الأغنياء خاصة بل يضم معهم الفقراء . 
قال صلى الله عليه وسلم : شر الطعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويحرم منها الفقراء    . 
وينبغي أن لا يهمل أقاربه في ضيافته فإن إهمالهم إيحاش وقطع رحم ، وكذلك يراعي الترتيب في أصدقائه ومعارفه فإن في تخصيص البعض إيحاشا لقلوب الباقين ، وينبغي أن لا يقصد بدعوته المباهاة والتفاخر بل استمالة قلوب الإخوان وإدخال السرور على قلوب المؤمنين ، وينبغي أن لا يدعو من يعلم أنه يشق عليه الإجابة وإذا حضر تأذى بالحاضرين بسبب من الأسباب ، وينبغي أن لا يدعو إلا من يحب إجابته . 
وأما الإجابة : فهي سنة مؤكدة ، وقد قيل بوجوبها في بعض المواضع ولها خمسة آداب : 
الأول : أن لا يميز الغني بالإجابة عن الفقير فذلك هو التكبر المنهي عنه . 
الثاني : أن لا يمتنع عن الإجابة لبعد المسافة كما لا يمتنع لفقر الداعي وعدم جاهه ، بل كل مسافة يمكن احتمالها في العادة لا ينبغي أن يمتنع لأجلها . 
الثالث : أن لا يمتنع لكونه صائما بل يحضر فإن كان يسر أخاه إفطاره فليفطر ، وليحتسب في إفطاره بنية إدخال السرور على قلب أخيه ما يحتسب في الصوم وأفضل ، وذلك في صوم التطوع وإن تحقق أنه متكلف فليتعلل ، وقد قال  ابن عباس  رضي الله عنهما : " من أفضل الحسنات إكرام الجلساء بالإفطار " ، فالإفطار عبادة بهذه النية وحسن خلق فثوابه فوق ثواب الصوم ، ومهما لم يفطر فضيافته الطيب والمجمرة والحديث الطيب . 
الرابع : أن يمتنع عن الإجابة إن كان الطعام طعام شبهة أو كان يقام في الموضع منكر أو كان الداعي ظالما أو فاسقا أو متكلفا طلبا للمباهاة والفخر . 
 [ ص: 98 ] الخامس : أن لا يقصد بالإجابة قضاء شهوة البطن فيكون عاملا في أبواب الدنيا ، بل يحسن نيته ليصير بالإجابة عاملا للآخرة فينوي الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرام أخيه المؤمن وزيارته ليكونا من المتحابين في الله ، وينوي صيانة نفسه عن أن يساء به الظن في امتناعه ويطلق اللسان فيه بأن يحمل على تكبر أو سوء خلق أو استحقار أخ مسلم أو ما يجري مجراه . 
وكان بعض السلف يقول : أنا أحب أن يكون لي في كل عمل نية حتى في الطعام والشراب فإن المباح يلتحق بوجوه الخيرات بالنية . 
وأما الحضور : 
فأدبه أن يدخل الدار ولا يتصدر فيأخذ أحسن الأماكن بل يتواضع ولا يطول الانتظار عليهم ، ولا يعجل بحيث يفاجئهم قبل تمام الاستعداد ، ولا يضيق المكان على الحاضرين بالزحمة ، بل إن أشار إليه صاحب المكان بموضع لا يخالفه البتة فإنه قد يكون رتب في نفسه موضع كل واحد فمخالفته تشوش عليه ، ولا يجلس في مقابلة باب الحجرة الذي للنساء وسترهم ، ولا يكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام فإنه دليل على الشره ، ويخص بالتحية والسؤال من يقرب منه إذا جلس ، وإذا دخل ضيف للمبيت فليعرفه صاحب المنزل عند دخوله القبلة وبيت الماء وموضع الوضوء ، وأن يغسل صاحب المنزل يده قبل القوم وقبل الطعام لأنه يدعو الناس إلى كرمه ، ويتأخر في آخر الطعام عنهم ، وعلى الضيف إذا دخل فرأى منكرا أن يغيره إن قدر وإلا أنكر بلسانه وانصرف . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					