ظاهر آداب التلاوة : 
الأدب الأول في حال القارئ : 
وهو أن يكون على الوضوء واقفا على هيئة الأدب والسكون  إما قائما وإما جالسا ، مستقبلا القبلة مطرقا رأسه غير متربع ولا متكئ ولا جالس على هيئة التكبر ، فإن قرأ على غير وضوء أو كان مضطجعا في الفراش فله أيضا فضل ولكنه دون ذلك ، قال الله تعالى : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض    ) [ آل عمران : 191 ] فأثنى على الكل ولكن قدم القيام في الذكر ثم القعود ثم الذكر مضطجعا . 
الثاني في مقدار القراءة    : 
وللقراء عادات مختلفة في الاستكثار والاختصار ، والمأثور عن "  عثمان   وزيد بن ثابت   وابن مسعود   وأبي بن كعب     " رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون القرآن في كل جمعة يقسمونه سبعة أحزاب   . 
الثالث : الترتيل    : هو المستحب في هيئة القرآن لأنا سنبين أن المقصود من القراءة التفكر ، والترتيل معين عليه ، ولذلك نعتت "   أم سلمة     " رضي الله عنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءته مفسرة حرفا حرفا . 
قال   "  ابن عباس     " رضي الله عنهما : " لأن أقرأ البقرة وآل عمران أرتلهما وأتدبرهما أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله هذرمة   " وجلي أن الترتيل والتؤدة أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيرا في القلب من الهذرمة والاستعجال . 
الرابع البكاء    : وهو مستحب مع القراءة ، ومنشؤه الحزن وذلك أن يتأمل ما فيه من   [ ص: 78 ] التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ، ثم يتأمل تقصيره في أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي . 
الخامس : أن يراعي حق الآيات  فإذا مر بآية سجدة سجد ، وكذلك إذا سمع من غيره سجدة سجد إذا سجد التالي ، ولا يسجد إلا إذا كان على طهارة ; وقد قيل في كمالها : إنه يكبر رافعا يديه لتحريمه ثم يكبر للهوي للسجود ثم يكبر للارتفاع ثم يسلم . 
السادس : أن يقول في مبتدأ قراءته : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم  ، وفي أثناء القراءة إذا مر بآية تسبيح سبح وكبر ، وإذا مر بآية استغفار دعا واستغفر ، وإن مر بمرجو سأل ، أو بمخوف استعاذ ، يفعل ذلك بلسانه أو بقلبه . 
السابع : الإسرار بالقراءة  أبعد عن الرياء والتصنع فهو أفضل في حق من يخاف ذلك على نفسه ، فإن لم يخف ولم يكن في الجهر ما يشوش على مصل فالجهر أفضل لأن العمل فيه أكثر ، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ، ولأنه يطرد النوم في رفع الصوت ويزيد في نشاطه للقراءة ويقلل من كسله ، فمتى حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل . 
الثامن : تحسين القراءة وترتيبها من غير تمطيط مفرط يغير النظم فذلك سنة  ، وفي الحديث : " زينوا القرآن بأصواتكم   " وفي آخر : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن   " فقيل به الاستغناء ، وقيل أراد به الترنم وترديد الألحان به وهو أقرب عند أهل اللغة ، واستمع صلى الله عليه وسلم إلى قراءة "  أبي موسى     " فقال : " لقد أوتي هذا من مزامير آل داود   " ويروى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا اجتمعوا أمروا أحدهم أن يقرأ سورة من القرآن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					