وقد ورد في الحديث المرفوع من استعمال ما نحن فيه وكفى به حجة 
أخرج  الترمذي  ، وحسنه عن  أبي حاتم المزني  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض   " ، وقد سبقني إلى الاحتجاج بهذا الحديث على التمثل بنظم القرآن  الحافظ  أبو بكر بن مردويه  ، حيث أورد هذا الحديث في تفسيره عند قوله تعالى في آخر سورة الأنفال : ( إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير    ) ، وأخرجه أيضا من حديث  أبي هريرة  ، وفيه حجة لأمر آخر ، وهو أنه يجوز تغيير بعض النظم بإبدال كلمة بأخرى ، وبزيادة ونقص ، كما يفعله أهل الإنشاء كثيرا ؛ لأنه لا يقصد به التلاوة ، ولا القراءة ، ولا إيراد النظم على أنه قرآن . 
ومن الأحاديث التي يستدل بها لجواز ذلك ما أخرجه  مالك  ،  وابن أبي شيبة  ،  والبخاري  ،  ومسلم  عن  أنس     : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر  ، فجاءها ليلا ، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوه قالوا : محمد والله ، محمد والخميس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر خربت خيبر  ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين "   . 
 [ ص: 309 ] قال بعضهم : هذا الحديث من أدلة الاقتباس ، وقال  ابن عبد البر  في التمهيد : في هذا الحديث جواز الاستشهاد بالقرآن فيما يحسن ويجمل  ، وذكر  ابن رشيق  مثله في شرح الموطأ - وهما مالكيان - وقال  النووي  في شرح  مسلم     : في الحديث جواز الاستشهاد في مثل هذا السياق بالقرآن في الأمور المحققة ، وقد جاء لهذا نظائر كثيرة ، كما ورد في فتح مكة    : " أنه صلى الله عليه وسلم جعل يطعن في الأصنام ، ويقول : " جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد جاء الحق وزهق الباطل   " ، قالوا : وإنما يكره ضرب الأمثال من القرآن في المزح ولغو الحديث  فيكره . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  سعد بن أبي وقاص  قال : لما كان يوم فتح مكة  أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين ، وقال : اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة :  عكرمة بن أبي جهل  ،  وعبد الله بن خطل  ،  ومقيس بن صبابة  ،  وعبد الله بن سعد بن أبي سرح    - فذكر الحديث - إلى أن قال : وأما  عبد الله بن سعد بن أبي سرح  فإنه اختبأ عند  عثمان  ، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بايع عبد الله ، فرفع رأسه ، فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى ، فبايعه بعد الثلاث ، ثم أقبل على أصحابه ، فقال : " أما فيكم رجل رشيد ، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله "   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا   " . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  عن  عائشة  قالت : كتب أبي في وصيته : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به  أبو بكر بن أبي قحافة  عند خروجه من الدنيا ، حين يؤمن الكافر ، ويتقي الفاجر ، ويصدق الكاذب ، إني استخلفت عليكم  عمر بن الخطاب  ، فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه ، وإن يجر ويبدل فلا أعلم الغيب ، فتلا : ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون    )   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  بكرة  قال : لما انتهى  الربيع بن خيثم  إلى مسجد قومه قالوا له : يا  ربيع  ، لو قعدت لتحدثنا اليوم فقعد ، فجاء حجر فشجه ، فقال : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف    )   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  سعيد بن المسيب  قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال : آمنت بالذي خلقك فسواك فعدلك   . وأخرج  البخاري  عن  هذيل بن شرحبيل  قال : سئل  أبو موسى  عن ابنة ، وابنة ابن ، وأخت قال : للابنة النصف ، وللأخت النصف ، وائت  ابن مسعود  فسيتابعني ، فسئل  ابن مسعود  ، وأخبر بقول  أبي موسى  فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين . 
وأخرج  ابن سعد  في   [ ص: 310 ] طبقاته عن  فروة بن نوفل الأشجعي  قال : قال  ابن مسعود     : إن  معاذ بن جبل  كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، فقلت : غلط  أبو عبد الرحمن  إنما قال الله : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين    ) ، فقلت : إنه تعمد الأمر تعمدا ، فسكت ، فقال : أتدري ما الأمة ، وما القانت ؟ قلت : الله أعلم ، فقال : الأمة . الذي يعلم الناس الخير ، والقانت : المطيع لله ولرسوله ، وكذلك كان  معاذ  ، كان يعلم الناس الخير ، وكان مطيعا لله ولرسوله   . 
وأخرج  ابن سعد  عن  مسروق  قال : كنا عند  ابن مسعود  ، فقال : إن  معاذ بن جبل  كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، فقال فروة بن نوفل : نسي  أبو عبد الرحمن  إبراهيم    - يعني قال : وهل سمعتني ذكرت إبراهيم  ؟ الأمة : الذي يعلم الناس الخير ، والقانت : الذي يطيع الله ورسوله   . 
وأخرج  ابن الضريس  في فضائل القرآن عن  عبد الله بن مسعود  أنه أتى مكة  ، فمر بأعرابي وهو يصلي ، وهو يقول : نحج بيت ربنا في كلام له ، فقال  عبد الله     : ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  وابن أبي حاتم  عن  ابن أبي ليلى الكندي  قال : أشرف  عثمان  على الناس من داره ، وقد أحاطوا به ، فقال : يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح  أو قوم هود  أو قوم صالح  وما قوم لوط  منكم ببعيد ، يا قوم لا تقتلوني إنكم إن تقتلوني كنتم هكذا وشبك بين أصابعه   . 
وأخرج  الشافعي  في الأم عن  عروة  قال : كان  أبو حذيفة بن اليمان  شيخا كبيرا ، فخرج يوم أحد  يتعرض للشهادة ، فابتدره المسلمون فتواشقوه بأسيافهم ،  وحذيفة  يقول : أبي أبي فلا يسمعونه من شغل الحرب حتى قتلوه ، فقال  حذيفة     : يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بديته   . 
وأخرج  الشافعي  عن  المطلب بن حنطب  أنه طلق امرأته البتة ، ثم أتى  عمر بن الخطاب  فذكر ذلك له ، فقال : ما حملك على ذلك ؟ فقال : قد فعلت . قال فقرأ : ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا    ) أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة ثبت   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  في المصنف عن  هشام بن عروة  قال : أتى  عمر بن عبد العزيز  بقوم قعدوا على شراب ، معهم رجل صائم فضربه ، وقال : لا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  أم راشد  قالت : كنت عند   أم هانئ  ، فسمعت رجلين يقولان : بايعته أيدينا ، ولم تبايعه قلوبنا ، فذكرت ذلك   [ ص: 311 ] لعلي  ، فقال  علي     : ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما    )   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  علي بن أبي طالب  قال : من أدرك ذلك الزمان فلا يطعنن برمح ، ولا يضرب بسيف ، ولا يرم بحجر ، واصبر إن العاقبة للمتقين   . 
وأخرج  الزجاجي  في أماليه عن   جويرية بنت أسماء  قال : قدم  عمر بن الخطاب  مكة  ، فوضع الدرة بين أذني  أبي سفيان  ، وضرب رأسه ، فجاءت  هند  فقالت : أتضربه فوالله لرب يوم لو ضربته لاقشعر بك بطن مكة  ، فقال  عمر     : أجل والله جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا   . 
وأخرج  ابن عساكر  عن  محمد بن عبد الملك  قال : سمع  عبد الله بن مسعود  أعرابيا ينادي بالصلاة ، فأتاه  ابن مسعود  فقرأ بأم القرآن ، ثم قال : نحج بيت ربنا ونقضي الدين ، وهن يهوين بنا بخطرات يهوين قال  ابن مسعود     : ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق   . 
وأخرج  الطبراني  من طريق  قتادة  عن  أنس  ، عن  أبي طلحة  أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صبح خيبر  تلا هذه الآية : إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين   . 
وأخرج  ابن سعد  في طبقاته عن  عمرو بن ميمون  قال : رأيت  عمر بن الخطاب  لما طعن عليه ملحفة صفراء قد وضعها على جرحه وهو يقول : وكان أمر الله قدرا مقدورا   . 
وأخرج  ابن سعد  عن  عمرو بن ميمون  أن  عمر  لما طعن دخل عليه  كعب  فقال : الحق من ربك فلا تكونن من الممترين قد أنبأتك أنك شهيد ، فقلت : من أين لي بالشهادة وأنا في جزيرة العرب ؟ . 
وأخرج  ابن سعد  عن  عبد الله بن رافع  قال : طعن ابنا  معاذ بن جبل  فقال  معاذ     : كيف تجدانكما ؟ قالا : يا أبانا ، الحق من ربك فلا تكونن من الممترين قال : وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين   . 
وأخرج  ابن سعد  ،  وابن أبي حاتم  في تفسيره عن  أبي جعفر  قال : قال  علي بن أبي طالب  للحسن     : قم فاخطب الناس يا  حسن  ، قال : إني أهابك أن أخطب وأنا أراك . فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه ، فقام  الحسن  فخطب ، ثم نزل ، فقال  علي     : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم   . 
وأخرج  ابن سعد  عن  عمر بن الحكم  أن  أبا موسى الأشعري  ،  وعمرو بن العاص  تكلما ، فقال  أبو موسى  لعمرو     : إنما مثلك كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، فقال له  عمرو     : إنما مثلك مثل الحمار يحمل أسفارا   . 
وأخرج  ابن سعد  عن  ابن   [ ص: 312 ] أبي مليكة  قال : سمعت  جابر بن عبد الله  يقول  لعبيد بن عمير     : كيف أنت يا ليثي ؟ قال : بخير على ظهور عدونا علينا ، فقال  جابر     : ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين   . وأخرج  أحمد  في مسنده عن  سلمان الفارسي  أنه قيل له : ما كان بينك وبين  حذيفة  ؟ قال : وكان الإنسان عجولا   . 
وأخرج  أحمد  عن  أبي الدرداء  أنه بلغه أن  أبا ذر  أخرج إلى الربذة  ، فاسترجع قريبا من عشر مرات ، ثم قال : فارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة : اللهم إن كذبوا  أبا ذر  فإني لا أكذبه ، وإن اتهموه فإني لا أتهمه ، والذي نفسي بيده لو أن  أبا ذر  قطع يميني ما أبغضته بعد الذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من  أبي ذر    " . 
وأخرج  ابن سعد  عن  عمارة بن أبي حفصة  أن  عمر بن عبد العزيز  قيل له في مرضه : من توصي بأهلك ؟ فقال : إن وليي فيهم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين   . 
وأخرج  ابن سعد  ،  وابن أبي شيبة  عن  هبيرة بن خزيمة  قال : قال  الربيع بن خيثم  حين قتل  الحسين     : اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  ابن أبي مليكة  قال : قال  ابن الزبير   لعبيد بن عمير     : كلم هؤلاء - لأهل الشام    - رجاء أن يردهم ذاك ، فسمع ذلك  الحجاج  ، فأرسل إليهم ارفعوا أصواتكم فلا تسمعوا منه شيئا ، فقال  عبيد     : ويحكم لا تكونوا كالذين قالوا : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  أبي يعلى  قال : كان  الربيع بن خيثم  إذا مر بالمجلس يقول : قولوا خيرا ، افعلوا خيرا ، وداوموا على صالحة ، ولا تقسوا قلوبكم ، ولا يتطاول عليكم الأمد ، ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  مسروق  أنه قدم فأتاه أهل الكوفة  ، وناس من التجار ، فجعلوا يثنون عليه ، ويقولون : جزاك الله خيرا ، ما كان أعفك عن أموالنا ، فقرأ هذه الآية : ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا    ) وكان يقرأها كذلك   . 
وأخرج  أبو نعيم  في الحلية عن  قتادة  أن  عبد الله بن غالب  كان يقص في المسجد الجامع ، فمر عليه  الحسن  ، فقال : يا  عبد الله  ، لقد شققت على أصحابك ، فقال : ما أرى   [ ص: 213 ] عيونهم انفقأت ، ولا أرى ظهورهم اندقت ، والله يأمرنا يا  حسن  أن نذكره كثيرا ، وتأمرنا أن نذكره قليلا ، كلا لا تطعه واسجد واقترب ، فقال  الحسن     : والله ما أدري أسجد أم لا ؟ . 
وأخرج  أبو نعيم  عن  عون العبدي  أن  الحجاج  لما أمر بقتل  سعيد بن جبير  قال  سعيد بن جبير     : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، فقال  الحجاج :  شدوا به لغير القبلة ، فقال  سعيد     : فأينما تولوا فثم وجه الله ، فقال  الحجاج     : كبوه لوجهه ، فقال  سعيد     : منها خلقناكم وفيها نعيدكم   . 
وأخرج  أبو نعيم  عن  سالم بن أبي حفصة  قال : لما أتى  سعيد بن جبير  الحجاج  قال : لأقتلنك ، قال : دعوني أصلي ركعتين ، قال : وجهوه إلى قبلة النصارى ، قال : أينما تولوا فثم وجه الله ، إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا   . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  عبد الكريم  قال : كان  عمر بن عبد العزيز  إذا دخل بيتا قال : بسم الله ، والحمد لله ، ولا قوة إلا بالله ، والسلام على نبي الله ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك وأدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  عن  محمد بن واسع  قال : قدمت من مكة  فانطلق بي إلى  مروان ابن المهلب     - وهو أمير على البصرة    - فرحب بي فقلت : إن استطعت أن تكون كما قال أخو بني عدي  ، قال : ومن أخو بني عدي  ؟ قلت :  العلاء بن زياد  استعمل صديقا له مرة على عمل ، فكتب إليه أما بعد : فإن استطعت أن لا تبيت إلا وظهرك خفيف ، وبطنك خميص ، وكفك تقية من دماء المسلمين وأموالهم ، فإنك إذا فعلت ذلك لم يكن عليك سبيل ، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ، قال  مروان     : صدق والله ونصح   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					