51 - رفع الخدر عن قطع السدر 
بسم الله الرحمن الرحيم 
قال  أبو داود  في سننه : باب في قطع السدر ، ثنا  نصر بن علي  ، ثنا  أبو أسامة  ، عن  ابن جريج  ، عن  عثمان بن أبي سليمان  ، عن  سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم  ، عن  عبد الله بن حبشي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار   " أخرجه  أبو مسلم الكجي  في سننه ، ثنا  أبو عاصم  عن  ابن جريج  به ، وأخرجه  البيهقي  في سننه ، وقال : لا أدري هل سمع  سعيد من عبد الله بن حبشي  أم لا ويحتمل أن يكون سمعه ، وأخرجه   [ ص: 65 ]  الضياء المقدسي  في المختارة . وقال  الطبراني  في الأوسط : ثنا  أبو مسلم  ، ثنا  أبو عاصم  ، عن  ابن جريج  ، عن  عثمان بن أبي سليمان  ، عن  سعيد بن محمد  ، عن  عبد الله بن حبشي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قطع سدرة صوب الله عز وجل رأسه في النار    " - يعني من سدر الحرم - . 
وقال  البيهقي  في سننه : أنا  أبو عبد الله الحافظ  ، أنا  محمد بن يحيى الصلحي  بفم الصلح  ، ثنا  أبو الأحوص محمد بن الهيثم  ، ثنا  يزيد بن موهب الرملي  ، ثنا  مسعدة بن اليسع  عن  ابن جريج  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار   " قال  أبو عبد الله     : قال  أبو علي الحافظ     : هكذا كتبناه من حديث  مسعدة  ، وهو خطأ ، وإنما رواه  ابن جريج  عن  عمرو بن دينار  ، عن  عروة     - قوله : قال  البيهقي     : أخبرناه  أبو عبد الله  ، أنا  أبو علي  ، أنا  علي بن الحسن بن سلمة  ، ثنا  موسى بن عبد الرحمن المسروقي  ، ثنا  أبو أسامة  عن  ابن جريج  ، فصارت رواية  نصر بن علي  ، عن  أبي أسامة  بهذا معلولة . 
قال  البيهقي     : ويحتمل أن يكون  أبو أسامة  رواه على الوجهين ، قال : وقد رواه  معمر  ، كما أنا  أبو الحسين بن بشران  ، أنا  إسماعيل بن محمد الصفار  ، أنا  أحمد بن منصور  ، ثنا  عبد الرزاق  ، أنا  معمر  عن  عثمان بن أبي سليم  ، عن رجل من ثقيف  ، عن  عروة بن الزبير  ، يرفع الحديث في الذي يقطع السدر ، قال : يصب عليه العذاب ، وقال : يصوب رأسه في النار ، قال : فسألت بني  عروة  عن ذلك فأخبروني أن  عروة  قطع سدرة كانت في حائط فجعل بابا لحائط . 
قال  البيهقي     : يشبه أن يكون الرجل من ثقيف  عمرو بن أوس  ، فقد أخبرنا  أبو عبد الله الحافظ  ، أنا  أبو العباس محمد بن يعقوب  ، ثنا  أحمد بن عبد الجبار  ، ثنا  أبو معاوية  عن  أبي عثمان  عن  عمرو بن دينار  ، عن  عمرو بن أوس  ، عن  عروة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذين يقطعون السدر يصبهم الله على رؤوسهم في النار صبا   " ، قال  البيهقي     : هذا هو  محمد بن شريك المكي  ، هذا هو المحفوظ عنه مرسلا ، وقد رواه  القاسم بن أبي شيبة  عن  وكيع  ، عن  محمد بن شريك العامري  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن  عمرو بن أوس  ، عن  عروة  ، عن  عائشة  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رؤوسهم صبا   " . 
أخبرنا  أبو عبد الله الحافظ  ، أنا  أبو علي الحافظ  ، أنا  الحسين بن إدريس الأنصاري  ، ثنا  القاسم بن أبي شيبة  فذكره ، قال  أبو علي     : ما أراه حفظه عن  وكيع  ، وقد تكلموا فيه - يعني  القاسم     - والمحفوظ رواية  أبي أحمد الزبيري  ومن تابعه   [ ص: 66 ] على روايته عن  محمد بن شريك  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن  عمرو بن أوس  ، عن  عروة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مرسلا . انتهى . 
قلت : قد توبع  القاسم  عن  وكيع  على وصله ، قال  الطبراني  في الأوسط : ثنا  محمد بن عبد الله الحضرمي  ، ثنا  مليح بن وكيع بن الجراح  ، ثنا أبي عن  محمد بن شريك  عن  عمرو بن دينار  ، عن  عمرو بن أوس  ، عن  عروة  ، عن  عائشة  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على وجوههم صبا   " قال  الطبراني     : لم يروه عن  عمرو  إلا  محمد  ، تفرد به  مليح بن وكيع  عن أبيه ، هكذا قال ، وقد علمت أنه لم ينفرد به ، بل تابعه  القاسم بن أبي شيبة     . 
قال  البيهقي     : وأنا  أبو الحسين بن بشران  ، أنا  إسماعيل الصفار  ، أنا  أحمد بن منصور  ، أنا  عبد الرزاق  ، أنا  إبراهيم بن يزيد  ، ثنا  عمرو بن دينار  عن  عمرو بن أوس  قال : أدركت شيخا من ثقيف  قد أفسد السدر زرعه ، فقلت : ألا تقطعه ؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إلا من زرع " فقال : أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قطع السدر إلا من زرع صب عليه العذاب صبا   " فأنا أكره أن أقطعه من الزرع ومن غيره . 
قال  البيهقي     : فهذا إسناد آخر  لعمرو بن أوس  سوى روايته عن  عروة  ، إن كان حفظه  إبراهيم بن يزيد  قال : وقد روى عن  إبراهيم بن يزيد  ، كما أخبرنا  أبو عبد الله الحافظ     : حدثني  أبو يزيد أحمد بن محمد بن وكيع  ، ثنا  إبراهيم بن نضر الضبي  ، ثنا  صالح بن مسمار  ، ثنا  هشام بن سليمان  ، حدثني  إبراهيم بن يزيد  عن  عمرو بن دينار  ، عن  جعفر بن محمد بن علي  ، عن أبيه ، عن جده ، عن  علي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اخرج فأذن في الناس ، من الله لا من رسوله : لعن الله قاطع السدر   " . 
قال : وأنا  أبو عبد الله الحافظ  ، أنا  أبو علي الحسين بن علي الحافظ  ، أنا  محمد بن عمران بن خزيمة الدينوري أبو بكر  ، ثنا  أبو عبد الله المخزومي سعيد بن عبد الرحمن  ، ثنا  هشام بن سليمان  عن  ابن جريج  ، حدثني  إبراهيم بن يزيد المكي  عن  عمرو بن دينار  ، عن  الحسن بن محمد بن علي  ، عن أبيه ، عن  علي  فذكره ، قال  أبو علي     : هكذا قال لنا هذا الشيخ ،  وابن جريج  في إسناده وهم ، ورواه  إبراهيم بن المنذر  عن  هشام بن سليمان  ، عن  إبراهيم بن يزيد  ولم يذكر  ابن جريج  في إسناده وهو الصواب . 
قلت : وكذا رواه غيره عن  هشام  ، قال  الطبراني  في الأوسط : ثنا  علي بن سعيد الرازي  ، ثنا  صالح بن مسمار  ، ثنا  هشام بن سليمان  عن  إبراهيم بن يزيد  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن  الحسن بن محمد بن علي  ، عن أبيه ، عن  علي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اخرج فناد في   [ ص: 67 ] الناس لعن الله قاطع السدر   " قال  الطبراني     : لم يروه عن  الحسن  إلا  عمرو  ولا عنه [ إلا ]  إبراهيم  ، ولا عنه إلا  هشام  ، ثم قال  البيهقي     : ورواه  علي بن ثابت  عن  إبراهيم بن يزيد  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن  محمد بن علي  مرسلا ، قال  البيهقي     : ورواه  علي بن هاشم بن البريد  عن  إبراهيم الخوزي  ، عن  عمرو بن دينار     .  وسليمان الأحول  عن  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، عن  عمرو بن أوس الثقفي  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : " إلا من زرع " قال  أبو علي الحافظ     : حديث  إبراهيم بن يزيد  مضطرب  وإبراهيم  ضعيف . 
قلت : هذا الطريق أخرجه ، قال  البيهقي     : ورواه  المثنى بن الصباح  عن  عمرو  ، عن  أبي جعفر  ، كما أخبرنا  علي بن بشران     : أنا  إسماعيل الصفار  ، ثنا  أحمد بن منصور  ، ثنا  عبد الرزاق  قال : سمعت  المثنى بن الصباح  يحدث عن  عمرو بن دينار  ، عن  أبي جعفر  ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم  لعلي  في مرضه الذي مات فيه : " اخرج يا  علي  ، فقل عن الله لا عن رسول الله : لعن الله من يقطع السدر   " . 
وقال  البيهقي     : أنا  عبد الله الحافظ  ، حدثني  الزبير بن عبد الواحد الحافظ  ، ثنا  محمد بن نوح الجنديسابوري  ، ثنا  عبد القدوس بن عبد الكبير بن شعيب بن الحجاب  ، ثنا  عبد القاهر بن شعيب  عن  بهز بن حكيم  ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قاطع السدر يصوب الله رأسه في النار   " . 
وقال : أنا  أبو عبد الله  ، ثنا  الزبير بن عبد الواحد الحافظ  ، أنا  أبو علي محمد بن سليمان المالكي  ، ثنا  زيد بن أخزم  ، أنا  يحيى بن الحارث  عن أخيه  مخارق بن الحارث  ، عن  بهز بن حكيم  ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من الله لا من رسوله لعن الله عاضد السدر   " . 
وقال  أبو داود     : ثنا  عبيد الله بن عمر بن ميسرة  ،  وحميد بن مسعدة  قالا : ثنا  حسان بن إبراهيم  قال : سألت  هشام بن عروة  عن قطع السدر - وهو مستند إلى قصر  عروة     - فقال : ترى هذه الأبواب والمصاريع إنما هي من سدر  عروة     - كان  عروة  يقطعه من أرضه - وقال : لا بأس به ، زاد  حميد     : وقال : يا عراقي ، جئتني ببدعة ، قال : قلت : إنما البدعة من قبلكم ، سمعت من يقول هذا : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قطع السدر ، قال  أبو داود     : يعني من قطع السدر في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم ، عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها . 
قال  البيهقي     : وقد قرأت في كتاب  أبي الحسن العاصمي  روايته عن  أبي عبد الله محمد بن يوسف  ، عن  محمد بن يعقوب بن الفرج  ، عن  أبي ثور  أنه قال : سألت  أبا عبد الله   [ ص: 68 ] الشافعي  عن قطع السدر ، فقال : لا بأس به ، قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اغسله بماء وسدر   " فيكون محمولا على ما حمله عليه  أبو داود  ، وروينا عن  عروة بن الزبير  أنه كان يقطعه من أرضه ، وهو أحد رواة النهي ، فيشبه أن يكون النهي خاصا ، كما قال  أبو داود     . 
وقرأت في كتاب  أبي سليمان الخطابي  أن  إسماعيل بن يحيى المزني  سئل عن هذا ، فقال : وجهه أن يكون صلى الله عليه وسلم سئل عمن هجم على قطع السدر لقوم أو ليتيم أو لمن حرم الله أن يقطع عليه ، فتحامل عليه بقطعه ، فاستحق ما قاله ، فتكون المسألة سبقت السامع فسمع الجواب ولم يسمع المسألة ، وجعل نظيره حديث  أسامة بن زيد  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الربا في النسيئة   " ، فسمع الجواب ، ولم يسمع المسألة ، وقد قال : " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد   " . 
واحتج  المزني  بما احتج به  الشافعي  من إجازة النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل الميت بالسدر ، ولو كان حراما لم يجز الانتفاع به . قال : والورق من السدر كالغصن ، وقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حرم قطعه من شجر الحرم بين ورقه وغيره ، فلما لم يمنع من ورق السدر دل على جواز قطع السدر . انتهى . 
قلت : والأولى عندي في تأويل الحديث أنه محمول على سدر الحرم ، كما وقع في رواية  الطبراني     . وقال  ابن الأثير  في النهاية : قيل : أراد به سدر مكة    ; لأنها حرم . وقيل : سدر المدينة  نهى عن قطعه ; ليكون أنسا وظلا لمن يهاجر إليها ، وقيل : أراد السدر الذي يكون في الفلاة ، يستظل به أبناء السبيل والحيوان . أو في ملك إنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق ، قال : ومع هذا فالحديث مضطرب الرواية ، فإن أكثر ما يروى عن  عروة بن الزبير     - وكان هو يقطع السدر ، ويتخذ منه أبوابا - وأهل العلم مجمعون على إباحة قطعه . انتهى . 
وبقي للحديث طرق فاتت  البيهقي  ، قال  أبو مسلم الكجي  في سننه : ثنا  الرمادي  ، ثنا  سفيان  عن  عثمان بن أبي سليمان  ، عن ابن عم له يقال له  حسين  ، عن رجل من أهل الطائف  ، عن  عبد الله بن شديد  ، وعن  أبي إسحاق الدوسي  ، رفعه أحدهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الذين يقطعون السدر يصب الله عليهم العذاب صبا   " وقال الآخر ، ولم يرفعه : " من قطع سدرة صوب الله رأسه في نار جهنم   " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					