وأما المسألة الرابعة وهي مقر الأرواح  ، فهي أجل هذه المسائل ، وأنا أستوفي لها إن شاء الله تعالى ما وقفت عليه في ذلك : روى  مالك  في " الموطأ " ، عن  ابن شهاب  ، عن  عبد الرحمن بن كعب بن مالك  ، أن أباه  كعب بن مالك  كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم   [ ص: 208 ] قال : " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه   " . هذا حديث صحيح أخرجه  الإمام أحمد  في مسنده ، عن  الشافعي  ، عن  مالك  ،  والنسائي  ، وغيره . 
وأخرج  أحمد  ،  والطبراني  في " الكبير " بسند حسن ، عن   أم هانئ  أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضا  ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون النسم طيرا تعلق بالشجر ، حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها   . 
وأخرج  مسلم  وغيره ، من حديث  عبد الله بن مسعود  مرفوعا : أرواح الشهداء عند الله في حواصل طيور تسرح في أنهار الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش   . 
وأخرج  أحمد  ،  وأبو داود  ،  والحاكم  ، وغيرهم ، بسند صحيح ، عن  ابن عباس  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما أصيب أصحابكم بأحد جعل الله أروحهم في أجواف طير خضر  ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش   . 
وأخرج  أحمد  وعبد  في مسنديهما ، و "  الطبراني     " بسند حسن ، عن  محمود بن لبيد  ، عن  ابن عباس  مرفوعا : الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء ، يخرج إليهم رزقهم من الجنة غدوة وعشية   . 
وأخرج  البيهقي  في " البعث " ،  والطبراني  بسند حسن ، عن  عبد الرحمن بن كعب بن مالك  قال : لما حضرت  كعبا  الوفاة أتته  أم بشر بنت البراء  ، فقالت : يا  أبا عبد الرحمن  ، إن لقيت  كعبا  فأقرئه مني السلام ، فقال لها : يغفر الله لك يا  أم بشر  ، نحن أشغل من ذلك ، فقالت : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت ، ونسمة الكافر في سجين ؟ قال : بلى ، قالت : فهو ذاك . 
وقال  الطبراني     : حدثنا  أبو زرعة الدمشقي  ، ثنا  عبد الله بن صالح  ، عن  ضمرة بن حبيب  قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أرواح المؤمنين ، فقال : في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ، قالوا : يا رسول الله ، وأرواح الكفار ؟ قال : محبوسة في سجين . هذا حديث مرسل . 
وأخرج  أحمد  في مسنده ،  والحاكم  في مستدركه ،  والبيهقي  وابن أبي داود  في كتابي البعث لهما ، وغيرهم من طرق ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولاد المؤمنين في جبل في الجنة ، يكفلهم  إبراهيم  وسارة  حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة   . صححه  الحاكم     . 
وأخرج  البيهقي  في " الدلائل " ،  وابن أبي حاتم  ،  وابن مردويه  في تفسيريهما ،   [ ص: 209 ] وغيرهم من طريق  أبي محمد الحماني  ، عن  أبي هارون العبدي  ، عن  أبي سعيد الخدري  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم  ، فلم تر الخلائق أحسن من المعراج ما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء ، فإن ذلك عجبه بالمعراج ، فصعدت أنا وجبريل  ، فاستفتح باب السماء ، فإذا أنا بآدم  تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين ، فيقول : روح طيبة ونفس طيبة ، اجعلوها في عليين ، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة ، اجعلوها في سجين   . 
وقال  أبو نعيم الأصبهاني     : حدثنا  أحمد بن إبراهيم الكيال  ، ثنا  موسى بن شعيب أبو عمران السمرقندي  ، ثنا  محمد بن سهيل  ، ثنا  أبو مقاتل السمرقندي  ، ثنا  أبو سهل هشام بن مصك  ، عن  الحسن  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أرواح المؤمنين في السماء السابعة ينظرون إلى منازلهم في الجنة   . 
هذا ما وقفت عليه من الأحاديث المرفوعة ، وأما الموقوفة فقال  ابن أبي الدنيا     : حدثنا  محمد بن رجاء  ، ثنا  النضر بن شميل  ، ثنا  حماد بن سلمة  ، ثنا  علي بن يزيد بن جدعان  ، عن  يوسف بن مهران  ، عن  ابن عباس  ، عن  علي بن أبي طالب  قال : أبغض بقعة في الأرض إلى الله واد يقال له : برهوت ، فيه أرواح الكفار   . 
وأسند  البيهقي  في " البعث " ،  وابن أبي الدنيا  في " كتاب المنامات " ، عن  سعيد بن المسيب  ، أن  سلمان الفارسي   وعبد الله بن سلام  التقيا ، فقال أحدهما لصاحبه : إن لقيت ربك قبلي فأخبرني ماذا لقيت ، فقال : أويلقى الأحياء الأموات ؟ فقال : نعم ، أما المؤمنون فإن أرواحهم في الجنة ، وهي تذهب حيث شاءت   . 
وأسند  البيهقي  ،  والطبراني  في " الكبير " ، عن  عبد الله بن عمرو  قال : الجنة مطوية في قرون الشمس تنشر في كل عام مرتين ، وأرواح المؤمنين في طير كالزرازير تأكل من شجر الجنة   . 
وأسند  المروزي  في " الجنائز " ، عن  العباس بن عبد المطلب  قال : ترفع أرواح المؤمنين إلى جبريل  ، فيقال : أنت ولي هذه إلى يوم القيامة   . 
وأسند عن  عبد الله بن عمرو  قال : أرواح الكفار تجمع ببرهوت سبخة بحضرموت  وأرواح المؤمنين تجتمع بالجابية   . 
وأسند  البيهقي  ، عن  ابن عباس  ، عن  كعب  قال : جنة المأوى فيها طير خضر ترتقي فيها أرواح الشهداء تسرح في الجنة ، وأرواح آل فرعون في طير سود تغدو على النار وتروح ، وإن أطفال المسلمين في عصافير الجنة   . 
وأسند  أبو نعيم  في " الحلية " ، عن  وهب بن منبه  قال : إن لله في السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء تجتمع فيها أرواح المؤمنين ، فإذا مات الميت من أهل الدنيا تلقته الأرواح يسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله   [ ص: 210 ] إذا قدم عليهم   . 
وقال  ابن أبي الدنيا     : حدثنا  خالد بن خداش     : سمعت  مالك بن أنس  يقول : بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					