حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، أخبرني أبو عثمان الخوارزمي - نزيل مكة فيما كتب إلي - ثنا محمد بن رشيق ، ثنا محمد بن الحسن البلخي ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقلت : يا رسول الله ، ما تقول في قول مالك وأهل العراق ؟ قال : ليس قولي إلا [ ص: 101 ] قولي ، قلت : ما تقول في قول أبي حنيفة وأصحابه ؟ قال : ليس قولي إلا قولي ، قلت : ما تقول في قول الشافعي ؟ قال : ليس قولي إلا قولي ، ولكنه صد قول أهل البدع .
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا الربيع بن سليمان ، حدثني أبو الليث الخفاف - وكان معدلا عند القضاة - قال : أخبرني العزيزي - وكان متعبدا - قال : رأيت ليلة مات الشافعي في المنام كأنه يقال : مات النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة ، فكان يقول : أنت تقيل في مجلس عبد الرحمن الزهري في المسجد الجامع ، وكأنه يقال له : تخرج به بعد العصر ، فأصبحت ، فقيل لي : مات ، وقيل لي : نخرج به بعد الجمعة ؟ فقلت : الذي رأيته في المنام نخرج به بعد العصر ، وكأني رأيت في النوم حين أخرج به كان معه سرير امرأة رثة السرير ، فأرسل أمير مصر أن لا يخرج به إلا بعد العصر ، فحبس إلى بعد العصر . قال العزيزي : شهدت جنازته ، فلما صرت إلى الموضع الواسع رأيت سريرا مثل سرير تلك المرأة الرثة السرير مع سريره .
حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن عبد الله بن سهل الشيباني ، ثنا الربيع ، ثنا أبو الليث الخفاف ، ثنا العزيزي ، قال الربيع : وكان لا يخرج إلى خارج ، وذكر عنه فضلا . قال : رأيت في المنام مثله .
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا أبو زكريا النيسابوري ، ثنا علي بن حسان ، ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرني رجل من إخواننا من أهل بغداد ، قال : قال أحمد بن حنبل : قدم علينا نعيم بن حماد ، وحثنا على طلب المسند ، فلما قدم علينا الشافعي وضعنا على المحجة البيضاء .
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا أبي ، ثنا حرملة بن يحيى ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : وعدني أحمد أن نقدم على مصر .
حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، قال : سمعت الحسن بن محمد الصباح ، يقول : قال لي أحمد بن حنبل : إذا رأيت أبا عبد الله الشافعي قد خلا فأعلمني ، قال : فكان يجيئه ارتفاع النهار ، فيبقى معه .
[ ص: 102 ] حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، أنبأنا أبو عثمان الخوارزمي - فيما كتب إلي - ثنا أبو أيوب حميد بن أحمد البصري ، قال : كنت عند أحمد بن حنبل نتذاكر في مسألة ، فقال رجل لأحمد : يا أبا عبد الله ، لا يصح فيه حديث . فقال : إن لم يصح فيه حديث ففيه قول الشافعي ، وحجته أثبت شيء فيه . ثم قال : قلت للشافعي : ما تقول في مسألة كذا وكذا ؟ فأجاب ، قلت : من أين قلت ؟ هل فيه حديث أو كتاب ؟ قال : بلى ! فرفع في ذلك حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حديث نص .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أحمد بن روح ، ثنا إسماعيل بن شجاع ، ثنا الفضل بن زياد ، عن أبي طالب ، قال : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما رأيت أتبع للحديث من الشافعي .
حدثنا الحسن بن سعيد ، ثنا زكريا الساجي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : سمعت حميد بن زنجويه ، يقول : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما سبق أحد الشافعي إلى كتابة الحديث .
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، قال : سمعت أبا إسماعيل الترمذي ، يقول : سمعت إسحاق بن راهويه ، يقول : ما تكلم أحد بالرأي - وذكر الثوري والأوزاعي ومالكا وأبا حنيفة - إلا أن الشافعي أكثر اتباعا ، وأقل خطأ منهم .
حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ، ثنا أحمد بن عثمان النحوي ، قال : سمعت أبا فديك النسائي ، يقول : سمعت إسحاق بن راهويه ، يقول : كتبت إلى أحمد بن حنبل وسألته أن يوجه إلي من كتب الشافعي ما يدخل في حاجتي ، فوجه إلي كتاب الرسالة .
قال : وحدثنا أبو زرعة ، قال : بلغني أن إسحاق بن راهويه كتب له كتب الشافعي ، فسن في كلامه أشياء قد أخذها من الشافعي ، وجعلها لنفسه .
حدثنا عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا أحمد بن مسلمة النيسابوري ، قال : تزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجل كان [ ص: 103 ] عنده كتب الشافعي ، فتوفي ، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي ، فوضع جامعه الكبير على كتاب الشافعي ، ووضع جامعه الصغير على جامع الثوري الصغير ، وقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور ، وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي ، فقال له إسحاق بن راهويه : لي إليك حاجة ، أن لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت بنيسابور ، فأجابه إلى ذلك ، فما حدث بها حتى خرج .
حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، قال : أخبرني أبو عثمان الخوارزمي - نزيل مكة فيما كتب إلي - قال : قال أبو ثور : كنت أنا ، وإسحاق بن راهويه ، وحسين الكرابيسي ، وذكر جماعة من العراقيين ، ما تركنا بدعتنا حتى رأينا الشافعي .
قال أبو عثمان : وحدثنا أبو عبد الله التستري ، عن أبي ثور ، قال : لما ورد الشافعي العراق جاءني حسين الكرابيسي - وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي - فقال : قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه ، فقم بنا نسخر به ، فذهبنا حتى دخلنا عليه ، فسأله الحسين عن مسألة ، فلم يزل الشافعي يقول : قال الله ، وقال رسول الله ، حتى أظلم علينا البيت ، فتركنا بدعتنا ، واتبعناه .
حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا زكريا الساجي ، حدثني أحمد بن مردك ، قال : سمعت حرملة ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : رأيت أبا حنيفة في المنام ، وعليه ثياب وسخة ، وهو يقول : ما لي وما لك يا شافعي ، ما لي وما لك يا شافعي ؟
حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الله بن داود ، ثنا أبو زكريا النيسابوري ، قال : سمعت ابن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : نظرت في كتاب لأبي حنيفة فيه عشرون ومائة ، أو ثلاثون ومائة ورقة ، فوجدت فيه ثمانين ورقة في الوضوء والصلاة ، ووجدت فيه إما خلافا لكتاب أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو اختلاف قول أو تناقضا ، أو خلاف قياس .
حدثنا عبد الله ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو زكريا ، ثنا محمد ، قال : ما رأيت أحدا يناظر الشافعي إلا رحمته مع الشافعي .
قال : وقال هارون بن سعيد : لو أن الشافعي ناظر على هذا العمود الذي من حجارة أنه من خشب لغلب في اقتداره على المناظرة .
وقال الشافعي : ناظرت رجلا بالعراق فجاء ، فكلما جاء بمعنى [ ص: 104 ] أدخلت عليه معنى آخر ، فيبقى ، فتناظرنا في شيء ، فقلت له : من قال بهذا ؟ قال : أمسك : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، فلم يزل يعد حتى عد العشرة ، فبلغ كل مبلغ ، وكان حولنا قوم لا معرفة لهم بالرواية ، فاجتمعنا بعد ذلك المجلس ، فقلت له : الذي رويت عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، من حدثك به ؟ فقال : لم أرو لك شيئا ، ولم يحدثني أحد ، وإنما قلت لك : أمسك : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي .
قال محمد : كان أعلم بكل فن ، لو كنت أدركته وأنا رجل كامل لاستخرجت من جنبيه علوما جمة ، ولقد رأيت عنده أشعار هذيل ، وما كنت أذكر له قصيدة إلا ربما أنشدنيها من أولها إلى آخرها ، على أنه مات وهو ابن أربع وخمسين سنة .
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، أخبرني يونس ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : ناظرت يوما محمد بن الحسن ، فاشتدت مناظرتي إياه ، فجعلت أوداجه تنتفخ ، وأزراره تنقطع زرا زرا .
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة ، قال : سمعت أبا محمد ابن أخت الشافعي ، يقول : قالت أمي : ربما قدمنا في ليلة واحدة ثلاثين مرة ، أو أقل أو أكثر ، المصباح إلى بين يدي الشافعي ، وكان يستلقي ويتفكر ، ثم ينادي : يا جارية ، هلمي المصباح ، فتقدمه ، ويكتب ما يكتب ، ثم يقول : ارفعيه ، فقلت لأبي محمد : ما أراد برد المصباح ؟ قال : الظلمة أجلى للقلب .
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن محمد بن يزيد ، ثنا أبو طاهر ، قال : سمعت حرملة ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول في تفسير الحديث " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " ، قال : يتحزن به ، ويترنم به .
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي ، ثنا ابن بنت الشافعي ، قال : سمعت أبي ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : نظرت في دفتي المصحف ، فعرفت مراد الله تعالى فيه إلا حرفين : واحد منهما قوله تعالى : ( وقد خاب من دساها ) ، فإني لم أجده .
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو الفضل صالح بن محمد ، قال : سمعت أبا محمد [ ص: 105 ] الشافعي ، يقول : سمعت أبي ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : لا ينبل قرشي بمكة ، ولا يظهر أمره حتى يخرج منها ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يظهر أمره حتى خرج من مكة ، ولا يكاد يجود شعر القرشي ، وذلك أن الله عز وجل قال للنبي عليه الصلاة والسلام : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) ، ولا يكاد يجود خط القرشي ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا .


