578 القلانسي  
قال الشيخ : وأما  أبو أحمد القلانسي  فمخصوص بالتواضع والفتوة والاحتمال وطيبة القلب والابتذال ، صحب أبا حمزة  وتخرج عليه . 
سمعت عمر بن أحمد بن شاهين  يقول : سمعت علي بن محمد المصري  يقول : سمعت عمرو بن سعيد القلانسي  يقول : سمعت يحيى بن الحسن القلانسي  يقول : رأيت ربي عز وجل في النوم ، فقلت : يا رب ، اغفر لي ما مضى  ، قال : إن أردت أن أغفر لك ما مضى فأصلح لي ما بقي ، قال : قلت : يا رب فأعني عليه   . 
سمعت عبد المنعم بن عمر  يقول : قال  أبو سعيد ابن الأعرابي    : سمعت الكتاني  يقول : قال منية البصري    : سافرت مع أبي أحمد القلانسي  فجعنا جوعا شديدا ، ففتح علينا بشيء من طعام فآثرني به ، وكان معنا سويق ، فقال لي كالمازح : تكون جملي ؟ فقلت : نعم ، فكان يوجرني ذلك السويق يحتال بذلك أن يؤثرني على نفسه ، وكان قد صحب أبا محمد الرباطي المروزي  وسلك معه البادية ، وورث عنه هذه الأخلاق الحميدة ، وذلك أن أبا محمد  اشترط عليه أن يكون هو الأمير في سفرهما ، فحكى عنه أنه كان يطعمه ويجوع ، ويسقيه ويعطش ، ويؤثره بأسباب الرفق ، وذكر أن مطرا أصابهما في رياح وظلمة شديدة بالبادية ، فقال : يا أحمد  اطلب الميل ، فلما صرنا إلى الميل أقعدني في أصله ووضع يده عليه وهو قائم ، وجللني بكساء كان معه فوق ظهره وعلى رأسه ، حتى صرت كأني في بيت لا يصيبني المطر ولا الرياح ، فكلما قلت له قال : لا تعترض علي [ ص: 307 ] وأنا الأمير ، وكان أبو حمزة  ، وابن وهب  وجماعة المشايخ يكرمونه ويقدمونه على غيره ، قال  أبو سعيد ابن الأعرابي    : ولقد صحبته إلى أن مات فما رأيته قط يبيت ذهبا ولا فضة ، كان يخرجه من الليل ويذهب مذهب شقيق في التوكل ، وكان يقول : بناء مذهبنا على شرائط ثلاث : لا نطالب أحدا من الناس بواجب حقنا ، ونطالب أنفسنا بحقوق الناس  ، ونلزم أنفسنا التقصير في جميع ما نأتي به   . 
				
						
						
