[ ص: 344 ]   619 - أبو بكر الزقاق  
ومنهم أبو بكر الزقاق  ، كان مؤيدا بالألطاف والأرفاق . 
سمعت أبا الفضل أحمد بن أبي عمران الهروي  يقول : سمعت محمد بن داود الرقي  يقول : سمعت أبا بكر الزقاق  يقول : كان سبب ذهاب بصري أني خرجت في وسط السنة أريد مكة  وفي وسطي نصف جل ، وعلى كتفي نصف جل ، فرمدت إحدى عيني فمسحت الدموع بالجل فقرح المكان ، فكانت الدموع والدم يسيلان من عيني وقرحتي ، وأنا من سكر إرادتي لم أحس به ، وإذا أثرت الشمس في يدي قلبتها ووضعتها على عيني ، رضاء مني بالبلاء ، وكنت في التيه وحدي ، فخطر بقلبي أن علم الشريعة يباين علم الحقيقة ، فهتف بي هاتف من شجر البادية : يا أبا بكر  ، كل حقيقة لا تتبعها شريعة فهي كفر    . 
سمعت أبا سعيد القلانسي  يقول : قال أبو علي الروذباري  يحكي عن أبي بكر الزقاق  ، قال : بقيت بمكة  عشرين سنة ، وكنت أشتهي اللبن فغلبتني نفسي فخرجت إلى عسفان  واستضفت حيا من أحياء العرب ، فوقفت علي جارية حسناء ، فنظرت إليها بعيني اليمنى ، فأخذت بقلبي ، فقلت لها : قد أخذ كلي كلك فما في لغيرك فضل ، فقالت : يا شيخ بك تقبح الدعاوى العالية ، لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن ، فقلعت عيني التي نظرت بها إليها ، فقالت : مثلك من نظر لله ، فرجعت إلى مكة  فطفت سبعا فأريت في منامي يوسف  الصديق عليه السلام ، فقلت له : يا نبي الله أقر الله عينك بسلامتك من زليخا  ، فقال : يا مبارك ، بل يقر الله عينك بسلامتك من العسفانية ، ثم تلا يوسف    ( ولمن خاف مقام ربه جنتان    ) ، فصحت من رخامة صوت يوسف  وقراءته فأفقت ، وإذا عيني المقلوعة صحيحة ، وكان يقول : ليس السخاء عطية الواجد للمعدوم ، إنما السخاء عطية المعدوم للواجد  ، وكان يقول : منذ ثلاثين سنة ما عقدت عقدة واحدة مع الله خوف أن لا أفي به فيكذبني على لساني   . 
				
						
						
