حدثنا محمد بن علي بن مسلم  ، ثنا  محمد بن يحيى بن المنذر  ، ثنا سعيد بن عامر  ، ثنا  جويرية بن أسماء  ، عن نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن عمر    - رضي الله تعالى عنهما - قال : وافقت ربي عز وجل في ثلاث  ، في مقام إبراهيم  ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر    . 
رواه حميد  ، وعلي بن زيد  ،  والزهري  ، عن أنس  ، مثله . 
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن  ، ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، قال : حدثني أبي ، ثنا أبو نوح قراد  ، ثنا عكرمة بن عمار  ، ثنا سماك أبو زميل  ، قال : حدثني  ابن عباس  ، قال : حدثني  عمر بن الخطاب    - رضي الله تعالى عنهما - قال : لما كان يوم بدر  فهزم الله المشركين ، فقتل منهم سبعون ، وأسر منهم سبعون  ، استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم أبا بكر  وعمر  وعليا  رضوان الله عليهم ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما ترى يا ابن الخطاب  ؟ "   [ ص: 43 ] قال : فقلت : أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر    - فأضرب عنقه ، وتمكن عليا  من عقيل  فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة  من فلان فيضرب عنقه ، حتى يعلم الله عز وجل أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم ، وأئمتهم وقادتهم ، فلم يهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قلت ، فأخذ منهم الفداء . قال عمر    : فلما كان من الغد غدوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو قاعد وأبو بكر  ، وإذا هما يبكيان ، فقلت : يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الذي عرض على أصحابك من الفداء ، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة " لشجرة قريبة ، فأنزل الله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض    ) إلى قوله تعالى : ( لمسكم فيما أخذتم    ) - من الفداء ( عذاب عظيم    ) ، ثم أحل لهم الغنائم ، فلما كان يوم أحد  من العام المقبل ، عوقبوا بما صنعوا يوم بدر  من أخذهم الفداء ، فقتل سبعون ، وفر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله عز وجل : ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم    ) - بأخذكم الفداء - ( إن الله على كل شيء قدير    ) 
حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا محمد بن شعيب الأصبهاني  ، ثنا أحمد بن أبي سريح الرازي  ، ثنا عبيد الله بن موسى  ، ثنا إسرائيل  ، عن إبراهيم بن مهاجر  ، عن مجاهد  ، عن  ابن عمر  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسر الأسرى يوم بدر   استشار أبا بكر    - رضي الله تعالى عنه - قال : قومك وعترتك فخل سبيلهم ، فاستشار عمر    - رضي الله تعالى عنه - فقال : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى    ) الآية . فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر  فقال : " كاد أن يصيبنا في خلافك شر   " . 
حدثنا  أبو عمرو بن حمدان  ، ثنا  الحسن بن سفيان  ، ثنا عبد الوهاب بن الضحاك  ، ثنا  إسماعيل بن عياش  ، قال : سمعت عمر    - رضي الله تعالى عنه - يقول : لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول  ، دعي رسول الله - صلى   [ ص: 44 ] الله عليه وسلم - إلى الصلاة عليه ، فلما قام يريد الصلاة عليه تحولت فقلت : يا رسول الله ، أتصلي على عدو الله ابن أبي ابن سلول  القائل يوم كذا كذا ؟ فجعلت أعدد أيامه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم حتى أكثرت ، فقال : " أخر عني يا عمر  إني خيرت فاخترت  ، قد قيل : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم    ) فلو أعلم أني إذا زدت على السبعين غفر له لزدت " . ثم صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومشى معه ، حتى قام على قبره وفرغ من دفنه . فعجبا لي ولجرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ورسوله أعلم . فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره    ) الآية . فما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدها على منافق حتى قبضه الله عز وجل   . 
قال الشيخ رحمه الله : فأخلى همه في مفارقة الخلق ، فأنزل الله تعالى الوحي في موافقته للحق ، فمنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة عليهم ، وصفح عمن أخذ الفداء منهم لسابق علمه منهم ، وطوله عليهم . وكذا سبيل من اعتقد في المفتونين الفراق ، أن يؤيد في أكثر أقاويله بالوفاق ، ويعصم في كثير من أحواله وأفاعيله من الشقاق ، وكان للرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته ووفاته مجامعا ، ولما اختار له في يقظته ومنامه متابعا ، يقتدي به في كل أحواله ، ويتأسى به في جميع أفعاله ، وقد قيل : إن التصوف استقامة المناهج ، والتطرق إلى المباهج . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					