قال الشيخ رحمه الله : وكان - رضي الله عنه - يتوصل بعز الوفاء ، إلى أسنى مواقف الصفاء . وقد قيل : إن التصوف تفرد العبد بالصمد الفرد . 
حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا إسحاق بن إبراهيم  ، ثنا عبد الرزاق  ، عن معمر  ، عن  الزهري  ، أخبرني  عروة بن الزبير  ، أن  عائشة    - رضي الله تعالى عنها - قالت : لما أنفذت قريش  جوار ابن الدغنة  قالوا له : مر أبا بكر  فليعبد ربه في داره ، وليصل فيها ما شاء ، وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا ولا يستعلن بالصلاة في غير داره . قال : ففعل أبو بكر    - رضي الله تعالى عنه - ثم بدا له فابتنى مسجدا بفناء داره    . فكان يصلي فيه ويقرأ . فتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يتعجبون   [ ص: 30 ] منه ، وينظرون إليه . وكان أبو بكر    - رضي الله تعالى عنه - رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش  ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة  ، فقدم عليهم ، فأتى ابن الدغنة  أبا بكر  فقال : يا أبا بكر  ، قد علمت الذي عقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في عقد رجل عقدت له . فقال أبو بكر    : فإني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله ورسوله  ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة    . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا أحمد بن علي بن الجارود  ، ثنا عبد الله بن سعيد الكندي  ، ثنا  عبد الله بن إدريس الأودي  ، وحدثنا  الحسين بن محمد  ، ثنا الحسن  ، ثنا حميد  ، ثنا جرير  ، ثنا  أبو إسحاق الشيباني  ، عن أبي بكر بن أبي موسى  ، عن  الأسود بن هلال  ، قال : قال أبو بكر    - رضي الله تعالى عنه - لأصحابه : ما تقولون في هاتين الآيتين ؟ ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا    ) و ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم    )  ، قال : ( قالوا ربنا الله ثم استقاموا    ) فلم يدينوا ، ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم    ) بخطيئة . قال : لقد حملتموها على غير المحمل ، ثم قال : ( قالوا ربنا الله ثم استقاموا    ) فلم يلتفتوا إلى إله غيره ، ( ولم يلبسوا إيمانهم    ) بشرك   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					