المسألة الرابعة : روي عن  ابن عباس  رضي الله عنه أنه قال : فرض الله على لسان نبيكم الصلاة في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين  ، وفي الخوف ركعة ، والجمهور على أن الواجب في الحضر أربع ، وفي السفر ركعتان ، سواء كان في الخوف أو لم يكن ، وأن قول  ابن عباس  متروك . 
أما قوله تعالى : ( فإذا أمنتم    ) فالمعنى بزوال الخوف الذي هو سبب الرخصة ( فاذكروا الله كما علمكم    ) وفيه قولان : 
الأول : فاذكروا بمعنى فافعلوا الصلاة كما علمكم بقوله : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين    ) [ البقرة : 238 ] وكما بينه بشروطه وأركانه ؛ لأن سبب الرخصة إذا زال عاد الوجوب فيه كما كان من قبل ، والصلاة قد تسمى ذكرا لقوله تعالى : ( فاسعوا إلى ذكر الله    ) [ الجمعة : 9 ] . 
والقول الثاني : ( فاذكروا الله    ) أي : فاشكروه لأجل إنعامه عليكم بالأمن ، طعن القاضي في هذا القول ، وقال : إن هذا الذكر لما كان معلقا بشرط مخصوص ، وهو حصول الأمن بعد الخوف ، لم يكن حمله على ذكر يلزم مع الخوف والأمن جميعا على حد واحد ، ومعلوم أن مع الخوف يلزم الشكر ، كما يلزم مع الأمن ، لأن في كلا الحالين نعمة الله تعالى متصلة ، والخوف ههنا من جهة الكفار لا من جهته تعالى ، فالواجب حمل قوله تعالى : ( فاذكروا الله    ) على ذكر يختص بهذه الحالة . 
والقول الثالث : أنه دخل تحت قوله : ( فاذكروا الله    ) الصلاة والشكر جميعا ؛ لأن الأمن بسبب الشكر محدد يلزم فعله مع فعل الصلاة في أوقاتها . 
أما قوله تعالى : ( كما علمكم ) فبيان إنعامه علينا بالتعليم والتعريف ، وأن ذلك من نعمه تعالى ، ولولا هدايته لم نصل إلى ذلك ، ثم إن أصحابنا فسروا هذا التعليم بخلق العلم ، والمعتزلة  فسروه بوضع الدلائل ، وفعل الألطاف ، وقوله تعالى : ( ما لم تكونوا تعلمون    ) إشارة إلى ما قبل بعثة محمد  صلى الله عليه وسلم من زمان الجهالة والضلالة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					