( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد    ) . 
قوله تعالى ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد     ) وفي الآية مسائل : 
المسألة الأولى : قرأ حمزة  والكسائي    " سيغلبون ويحشرون " بالياء فيهما ، والباقون بالتاء المنقطة من   [ ص: 163 ] فوق فيهما ، فمن قرأ بالياء المنقطة من تحت ، فالمعنى : بلغهم أنهم سيغلبون ، ويدل على صحة الياء قوله تعالى : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله    ) [ الجاثية : 14 ] و ( قل للمؤمنين يغضوا    ) [ النور : 30 ] ولم يقل غضوا ، ومن قرأ بالتاء فللمخاطبة ، ويدل على حسن التاء قوله ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب    ) [ آل عمران : 81 ] والفرق بين القراءتين من حيث المعنى أن القراءة بالتاء أمر بأن يخبرهم بما سيجري عليهم من الغلبة والحشر إلى جهنم  ، والقراءة بالياء أمر بأن يحكي لهم والله أعلم . 
المسألة الثانية : ذكروا في سبب نزول هذه الآية وجوها : الأول : لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا  يوم بدر  وقدم المدينة ، جمع يهود في سوق بني قينقاع  ، وقال : يا معشر اليهود  أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا  ، فقالوا : يا محمد  لا تغرنك نفسك أن قتلت نفرا من قريش  لا يعرفون القتال ، لو قاتلتنا لعرفت   . فأنزل الله تعالى هذه الآية . 
الرواية الثانية : أن يهود أهل المدينة  لما شاهدوا وقعة أهل بدر  ، قالوا : والله هو النبي الأمي الذي بشرنا به موسى  في التوراة ، ونعته وأنه لا ترد له راية ، ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا ! فلما كان يوم أحد  ونكب أصحابه قالوا : ليس هذا هو ذاك ، وغلب الشقاء عليهم فلم يسلموا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . 
والرواية الثالثة : أن هذه الآية واردة في جمع من الكفار بأعيانهم علم الله تعالى أنهم يموتون على كفرهم ، وليس في الآية ما يدل على أنهم من هم . 
المسألة الثالثة : احتج من قال بتكليف ما لا يطاق بهذه الآية ، فقال : إن الله تعالى أخبر عن تلك الفرقة من الكفار أنهم يحشرون إلى جهنم ، فلو آمنوا وأطاعوا لانقلب هذا الخبر كذبا وذلك محال ، ومستلزم المحال محال ، فكان الإيمان والطاعة محالا منهم ، وقد أمروا به ، فقد أمروا بالمحال وبما لا يطاق ، وتمام تقريره قد تقدم في تفسير قوله تعالى : ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون    ) [ البقرة : 6 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					