( يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين    ) 
قوله تعالى : ( يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين    ) وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : أنه تعالى بين أنهم كما يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم على ما ذكر فهم يستبشرون لأنفسهم بما رزقوا من النعيم ، وإنما أعاد لفظ " يستبشرون " لأن الاستبشار الأول كان بأحوال الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، والاستبشار الثاني كان بأحوال أنفسهم خاصة . 
فإن قيل : أليس أنه ذكر فرحهم بأحوال أنفسهم ، والفرح عين الاستبشار ؟ 
قلنا : الجواب من وجهين : 
الأول : أن الاستبشار هو الفرح التام فلا يلزم التكرار . 
والثاني : لعل المراد حصول الفرح بما حصل في الحال ، وحصول الاستبشار بما عرفوا أن النعمة العظيمة تحصل لهم في الآخرة . 
المسألة الثانية : قوله : ( بنعمة من الله وفضل    ) النعمة هي الثواب والفضل هو التفضل الزائد . 
المسألة الثالثة : الآية تدل على أن استبشارهم بسعادة إخوانهم أتم من استبشارهم بسعادة أنفسهم ، لأن الاستبشار الأول في الذكر هو بأحوال الإخوان ، وهذا تنبيه من الله تعالى على أن فرح الإنسان بصلاح أحوال إخوانه ومتعلقيه ، يجب أن يكون أتم وأكمل من فرحه بصلاح أحوال نفسه    . 
ثم قال : ( وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين    ) وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : قرأ الكسائي    " وإن الله " بكسر الألف على الاستئناف . وقرأ الباقون بفتحها على معنى : وبأن الله ، والتقدير : يستبشرون بنعمة من الله وفضل وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ، والقراءة الأولى أتم وأكمل لأن على هذه القراءة يكون الاستبشار بفضل الله وبرحمته فقط ، وعلى القراءة الثانية يكون الاستبشار بالفضل والرحمة وطلب الأجر ، ولا شك أن المقام الأول أكمل لأن كون العبد مشتغلا بطلب الله أتم من اشتغاله بطلب أجر عمله . 
المسألة الثانية : المقصود من الآية بيان أن الذي تقدم من إيصال الثواب والسرور العظيم إلى الشهداء   [ ص: 79 ] ليس حكما مخصوصا بهم ، بل كل مؤمن يستحق شيئا من الأجر والثواب ، فإن الله سبحانه يوصل إليه ذلك الأجر والثواب ولا يضيعه ألبتة . 
المسألة الثالثة : الآية عندنا دالة على العفو عن فساق أهل الصلاة  لأنه بإيمانه استحق الجنة ، فلو بقي بسبب فسقه في النار مؤبدا مخلدا لما وصل إليه أجر إيمانه ، فحينئذ يضيع أجر المؤمنين على إيمانهم وذلك خلاف الآية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					