في السبب المقتضي لاشتمال بسم الله الرحمن الرحيم على الأسماء الثلاثة
وفيه وجوه :
( الأول ) : لا شك أنه تعالى يتجلى لعقول الخلق ، إلا أن لذلك التجلي ثلاث مراتب : فإنه في أول الأمر يتجلى بأفعاله وآياته ، وفي وسط الأمر يتجلى بصفاته ، وفي آخر الأمر يتجلى بذاته ، قيل إنه تعالى يتجلى لعامة عباده بأفعاله وآياته ، قال : ( ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام ) [ الشورى : 32 ] وقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات ) [ آل عمران : 190 ] ثم يتجلى لأوليائه بصفاته قال : ( ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا ) [ آل عمران : 191 ] ويتجلى لأكابر الأنبياء ورؤساء الملائكة بذاته ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) [ الأنعام : 91 ] إذا عرفت هذا فنقول : اسم الله عز وجل أقوى الأسماء في تجلي ذاته لأنه أظهر الأسماء في اللفظ ، وأبعدها معنى عن العقول ، فهو ظاهر باطن ، يعسر إنكاره ولا تدرك أسراره ، قال الحسين بن منصور الحلاج :
اسم مع الخلق قد تاهوا به ولها ليعلموا منه معنى من معانيه     والله ما وصلوا منه إلى سبب 
حتى يكون الذي أبداه مبديه 
وقال أيضا :
يا سر سر يدق حتى     يخفى على وهم كل حي 
فظاهرا باطنا تجلى     لكل شيء بكل شي 
وأما اسمه الرحمن فهو يفيد تجلي الحق بصفاته العالية ؛ ولذلك قال : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ الإسراء : 110 ] وأما اسمه الرحيم فهو يفيد تجلي الحق بأفعاله وآياته ولهذا السبب قال ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) [ غافر : 7 ] .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					