القسم الرابع من مؤمني زمان محمد  صلى الله عليه وسلم هم الذين لم يوافقوا الرسول في الهجرة إلا أنهم بعد ذلك هاجروا إليه ، وهو المراد من قوله تعالى :( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم    ) وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : اختلفوا في المراد من قوله تعالى :( من بعد    ) نقل الواحدي  عن  ابن عباس    : بعد الحديبية  وهي الهجرة الثانية ، وقيل بعد نزول هذه الآية ، وقيل : بعد يوم بدر  ، والأصح أن المراد والذين هاجروا بعد الهجرة الأولى ، وهؤلاء هم التابعون بإحسان كما قال :( والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه    ) [التوبة : 100] . 
المسألة الثانية : الأصح أن الهجرة انقطعت بفتح مكة   ؛ لأن عنده صارت مكة  بلد الإسلام وقال الحسن    : الهجرة غير منقطعة أبدا ، وأما قوله عليه السلام : " لا هجرة بعد الفتح   " فالمراد الهجرة المخصوصة ، فإنها انقطعت بالفتح وبقوة الإسلام ، أما لو اتفق في بعض الأزمان كون المؤمنين في بلد وفي عددهم قلة ، ويحصل للكفار بسبب كونهم معهم شوكة وإن هاجر المسلمون من تلك البلدة وانتقلوا إلى بلدة أخرى ضعفت شوكة الكفار ، فههنا تلزمهم الهجرة على ما قاله الحسن  ؛ لأنه قد حصل فيهم مثل العلة في الهجرة من مكة  إلى المدينة    . 
المسألة الثالثة : قوله :( فأولئك منكم    ) يدل على أن مرتبة هؤلاء دون مرتبة المهاجرين السابقين ؛ لأنه   [ ص: 170 ] ألحق هؤلاء بهم وجعلهم منهم في معرض التشريف ، ولولا كون القسم الأول أشرف وإلا لما صح هذا المعنى ، فهذا شرح هذه الأقسام الأربعة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					