وأما قوله تعالى : ( تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا     ) ففيه مسائل : 
المسألة الأولى : ذكروا في نصب تنزيلا وجوها : 
أحدها : تقديره نزل تنزيلا ممن خلق الأرض فنصب تنزيلا بمضمر . 
وثانيها : أن ينصب بأنزلنا ؛ لأن معنى ما أنزلناه إلا تذكرة - أنزلناه تذكرة . 
وثالثها : أن ينصب على المدح والاختصاص . 
ورابعها : أن ينصب بيخشى مفعولا به أي أنزله الله تعالى : ( تذكرة لمن يخشى    ) تنزيل الله وهو معنى حسن وإعراب بين وقرئ تنزيل بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف . 
المسألة الثانية : فائدة الانتقال من لفظ التكلم إلى لفظ الغيبة أمور : 
أحدها : أن هذه الصفات لا يمكن ذكرها إلا مع الغيبة . 
وثانيها : أنه قال أولا أنزلنا ففخم بالإسناد إلى ضمير الواحد المطاع ثم ثنى بالنسبة إلى المختص بصفات العظمة والتمجيد فتضاعفت الفخامة من طريقين . 
وثالثها : يجوز أن يكون أنزلنا حكاية لكلام جبريل    - عليه السلام - والملائكة النازلين معه . 
المسألة الثالثة : أنه تعالى عظم حال القرآن بأن نسبه إلى أنه تنزيل ممن خلق الأرض وخلق السماوات على علوها ، وإنما قال ذلك لأن تعظيم الله تعالى يظهر بتعظيم خلقه ونعمه ، وإنما عظم القرآن ترغيبا في تدبره والتأمل في معانيه وحقائقه وذلك معتاد في الشاهد فإنه تعظم الرسالة بتعظيم حال المرسل ليكون المرسل إليه أقرب إلى الامتثال . 
المسألة الرابعة : يقال سماء عليا وسماوات علا وفائدة وصف السماوات بالعلا الدلالة على عظم قدرة من   [ ص: 6 ] يخلق مثلها في علوها وبعد مرتقاها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					