واعلم أن في هذه الآية مسائل : 
المسألة الأولى : قال الجبائي    : هذه الآية تدل على وجوب فعل اللطف إذ المراد أنه يجب أن يفعل بالمكلفين ما يؤمنون عنده ولو لم يفعل لكان لهم أن يقولوا هلا فعلت ذلك بنا لنؤمن ؟ وهلا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ؟ وإن كان المعلوم أنهم لا يؤمنون ولو بعث إليهم الرسول لم يكن في ذلك حجة ، فصح أنه إنما يكون حجة لهم إذا كان في المعلوم أنهم يؤمنون عنده إذا أطاعوه . 
المسألة الثانية : قال الكعبي    : قوله : ( لولا أرسلت إلينا رسولا    ) أوضح دليل على أنه تعالى يقبل الاحتجاج من عباده ، وأنه ليس قوله : ( لا يسأل عما يفعل    ) [الأنبياء : 23] كما ظنه أهل الجبر من أن ما هو جور منا يكون عدلا منه بل تأويله : أنه لا يقع منه إلا العدل ، فإذا ثبت أنه تعالى يقبل الحجة فلو لم يكونوا قادرين على ما أمروا به لكان لهم فيه أعظم حجة . 
المسألة الثالثة : قال أصحابنا : الآية تدل على أن الوجوب لا يتحقق إلا بالشرع  إذ لو تحقق العقاب قبل مجيء الشرع لكان العقاب حاصلا قبل مجيء الشرع . 
ثم إنه سبحانه ختم السورة بضرب من الوعيد فقال : ( قل كل متربص    ) أي كل منا ومنكم منتظر عاقبة أمره وهذا الانتظار يحتمل أن يكون قبل الموت ، إما بسبب الأمر بالجهاد أو بسبب ظهور الدولة والقوة ، ويحتمل أن يكون بالموت فإن كل واحد من الخصمين ينتظر موت صاحبه ، ويحتمل أن يكون بعد الموت وهو ظهور أمر الثواب والعقاب ، فإنه يتميز في الآخرة المحق من المبطل بما يظهر على المحق من أنواع كرامة الله تعالى ، وعلى المبطل من أنواع إهانته ( فستعلمون    ) عند ذلك ( من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى    ) إليه ، وليس هو بمعنى الشك والترديد ، بل هو على سبيل التهديد والزجر للكفار ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					