( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين    ) 
ثم قال تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين    ) 
لما بين أن القرآن كتاب حكيم يشتمل على آيات حكمية بين من حال الكفار أنهم يتركون ذلك ويشتغلون بغيره ، ثم إن فيه ما يبين سوء صنيعهم من وجوه . 
الأول : أن ترك الحكمة والاشتغال بحديث آخر قبيح . 
الثاني : هو أن الحديث إذا كان لهوا لا فائدة فيه كان أقبح    . 
الثالث : هو أن اللهو قد يقصد به الإحماض كما ينقل عن  ابن عباس  أنه قال أحمضوا ، ونقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " روحوا القلوب ساعة فساعة   " رواه الديلمي  عن أنس  مرفوعا ، ويشهد له ما في مسلم " يا حنظلة ساعة وساعة   " والعوام يفهمون منه الأمر بما يجوز   [ ص: 124 ] من المطايبة ، والخواص يقولون هو أمر بالنظر إلى جانب الحق ، فإن الترويح به لا غير ، فلما لم يكن قصدهم إلا الإضلال لقوله : ( ليضل عن سبيل الله    ) كان فعله أدخل في القبح . 
ثم قال تعالى : ( بغير علم    ) عائد إلى الشراء ، أي يشتري بغير علم ( ويتخذها    ) أي يتخذ السبيل هزوا ( أولئك لهم عذاب مهين    ) قوله : ( مهين    ) إشارة إلى أمر يفهم منه الدوام ، وذلك لأن الملك إذا أمر بتعذيب عبد من عبيده ، فالجلاد إن علم أنه ممن يعود إلى خدمة الملك ، ولا يتركه الملك في الحبس ، يكرمه ويخفف من تعذيبه ، وإن علم أنه لا يعود إلى ما كان عليه ، وأمره قد انقضى ، فإنه لا يكرمه . فقوله : ( عذاب مهين    ) إشارة إلى هذا ، وبه يفرق بين عذاب المؤمن وعذاب الكافر  ، فإن عذاب المؤمن ليطهر فهو غير مهين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					