( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون    ) البرهان الثاني على كمال قدرته قوله تعالى : 
( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون     )   [ ص: 65 ] 
اعلم أنه تعالى لما أورد البرهان أولا من حال سائر الحيوانات ، وهو وقوف الطير في الهواء ، أورد البرهان بعده من أحوال الناس وهو هذه الآية ، وذكر من عجائب ما فيه حال السمع والبصر والفؤاد ، ولقد تقدم شرح أحوال هذه الأمور الثلاثة في هذا الكتاب مرارا فلا فائدة في الإعادة ، واعلم أن في ذكرها ههنا تنبيها على دقيقة لطيفة ، كأنه تعالى قال : أعطيتكم هذه الإعطاءات الثلاثة مع ما فيها من القوى الشريفة ، لكنكم ضيعتموها فلم تقبلوا ما سمعتموه ولا اعتبرتم بما أبصرتموه ، ولا تأملتم في عاقبة ما عقلتموه ، فكأنكم ضيعتم هذه النعم وأفسدتم هذه المواهب ، فلهذا قال : ( قليلا ما تشكرون    ) وذلك لأن شكر نعمة الله تعالى  هو أن يصرف تلك النعمة إلى وجه رضاه ، وأنتم لما صرفتم السمع والبصر والعقل لا إلى طلب مرضاته فأنتم ما شكرتم نعمته ألبتة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					