المسألة الأولى : الاقتحام الدخول في الأمر الشديد يقال : قحم يقحم قحوما ، واقتحم اقتحاما وتقحم تقحما إذا ركب القحم ، وهي المهالك والأمور العظام والعقبة طريق في الجبل وعر ، الجمع العقب والعقاب ، ثم ذكر المفسرون في العقبة ههنا وجهين : 
الأول : أنها في الآخرة وقال عطاء    : يريد عقبة جهنم ، وقال الكلبي    : هي عقبة بين الجنة والنار ، وقال ابن عمر    : هي جبل زلال في جهنى وقال  مجاهد  والضحاك    : هي الصراط يضرب على جهنم ، وهو معنى قول الكلبي    : إنها عقبة الجنة والنار ، قال الواحدي    : وهذا تفسير فيه نظر لأن من المعلوم أن [ بني ] هذا الإنسان وغيره لم يقتحموا عقبة جهنم ولا جاوزوها ، فحمل الآية عليه يكون إيضاحا للواضحات ، ويدل عليه أنه لما قال : ( وما أدراك ما العقبة    ) فسره بفك الرقبة وبالإطعام . 
الوجه الثاني : في تفسير العقبة هو أن ذكر العقبة ههنا مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والشيطان في أعمال البر ، وهو قول الحسن  ومقاتل    : قال الحسن  عقبة الله شديدة وهي مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه من شياطين الإنس والجن ، وأقول هذا التفسير هو الحق لأن الإنسان يريد أن يترقى من عالم الحس والخيال إلى يفاع عالم الأنوار الإلهية ولا شك أن بينه وبينها عقبات سامية دونها صواعق حامية ، ومجاوزتها صعبة والترقي إليها شديد . 
المسألة الثانية : أن في الآية إشكالا وهو أنه قلما توجد " لا " الداخلة على المضي إلا مكررة ، تقول : لا جنبني ولا بعدني قال تعالى : ( فلا صدق ولا صلى    ) [ القيامة : 31 ] وفي هذه الآية ما جاء التكرير فما السبب فيه ؟ أجيب عنه من وجوه : 
الأول : قال الزجاج    : إنها متكررة في المعنى لأن معنى ( فلا اقتحم العقبة    ) فلا فك رقبة ولا أطعم مسكينا ، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك ، وقوله : ( ثم كان من الذين آمنوا    ) يدل أيضا على معنى ( فلا اقتحم العقبة    ) ولا آمن . 
الثاني : قال أبو علي الفارسي    : معنى ( فلا اقتحم العقبة    ) لم يقتحمها ، وإذا كانت " لا " بمعنى " لم " كان التكرير غير واجب كما لا يجب التكرير مع " لم " ، فإن تكررت في موضع نحو ( فلا صدق ولا صلى    ) فهو كتكرر " ولم " : نحو ( لم يسرفوا ولم يقتروا    ) [ الفرقان : 67 ] . 
المسألة الثالثة : قال القفال    : قوله : ( فلا اقتحم العقبة    ) أي هلا أنفق ماله فيما فيه اقتحام العقبة ؟ وأما الباقون فإنهم أجروا اللفظ على ظاهره وهو الإخبار بأنه ما اقتحم العقبة . 
 [ ص: 168 ] 
				
						
						
