أما قوله تعالى : ( فإن الله شاكر عليم    ) فاعلم أن الشاكر في اللغة  هو المظهر للإنعام عليه ، وذلك في حق الله تعالى محال ، فالشاكر في حقه تعالى مجاز ، ومعناه المجازي على الطاعة : وإنما سمى المجازاة على الطاعة شكرا لوجوه : 
الأول : أن اللفظ خرج مخرج التلطف للعباد مبالغة في الإحسان إليهم ، كما قال تعالى : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا    ) [ البقرة : 245 ] وهو تعالى لا يستقرض من عوض ، ولكنه تلطف في الاستدعاء ، كأنه قيل : من ذا الذي يعمل عمل المقرض بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدم . 
الثاني : أن الشكر لما كان مقابلا للإنعام أو الجزاء عليه سمي كل ما كان جزاء شكرا على سبيل التشبيه    . 
الثالث : كأنه يقول : أنا وإن كنت غنيا عن طاعتك إلا أني أجعل لها من الموقع بحيث لو صح على أن أنتفع بها لما ازداد وقعه على ما حصل ، وبالجملة فالمقصود بيان أن طاعة العبد مقبولة عند الله تعالى ، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات . 
وأما قوله : ( عليم    ) فالمعنى أنه يعلم قدر الجزاء فلا يبخس المستحق حقه ؛ لأنه تعالى عالم بقدره ، وعالم بما يزيد عليه من التفضل ، وهو أليق بالكلام ليكون لقوله تعالى : ( عليم    ) تعلق بـ ( شاكر ) ويحتمل أنه يريد أنه عليم بما يأتي العبد فيقوم بحقه من العبادة والإخلاص وما يفعله لا على هذا الحد ، وذلك ترغيب في أداء ما يجب على شروطه ، وتحذير من خلاف ذلك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					