( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين  خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون    ) 
قوله عز وجل ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين  خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون    ) اعلم أن في الآية مسائل : 
 [ ص: 151 ] المسألة الأولى : أن ظاهر قوله تعالى : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار    ) عام في حق كل من كان كذلك ، فلا وجه لتخصيصه ببعض من كان كذلك ، وقال أبو مسلم    : يجب حمله على الذين تقدم ذكرهم ، وهم الذين يكتمون الآيات ، واحتج عليه بأنه تعالى لما ذكر حال الذين يكتمون ، ثم ذكر حال التائبين منهم ، ذكر أيضا حال من يموت منهم من غير توبة ، وأيضا أنه تعالى لما ذكر أن أولئك الكاتمين ملعونون حال الحياة ، بين في هذه الآية أنهم ملعونون أيضا بعد الممات . والجواب عنه : أن هذا إنما يصح متى كان الذين يموتون من غير توبة لا يكونون داخلين تحت الآية الأولى ، فأما إذا دخلوا تحت الأولى : استغني عن ذكرهم ، فيجب حمل الكلام على أمر مستأنف . 
المسألة الثانية ؛ لما ذكر في الكلام أنه إذا مات على كفره صار الوعيد لازما من غير شرط ، ولما كان المعلق على الشرط عدما عند عدم الشرط ؛ علمنا أن الكافر إذا تاب قبل الموت  لم يكن حاله كذلك . 
المسألة الثالثة : إن قيل : كيف يلعنه الناس أجمعون ، وأهل دينه لا يلعنونه ؟ قلنا : الجواب عنه من وجوه : 
أحدها : أن أهل دينه يلعنونه في الآخرة ، لقوله تعالى : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا    ) [ العنكبوت : 25 ] . 
وثانيها : قال قتادة  ، والربيع    : أراد بالناس أجمعين المؤمنين ، كأنه لم يعتد بغيرهم ، وحكم بأن المؤمنين هم الناس لا غير . 
وثالثها : أن كل أحد يلعن الجاهل والظالم ؛ لأن قبح ذلك مقرر في العقول ، فإذا كان هو في نفسه جاهلا أو ظالما وإن كان لا يعلم هو من نفسه كونه كذلك ، كانت لعنته على الجاهل والظالم تتناول نفسه ؛ عن السدي    . 
ورابعها : أن يحمل وقوع اللعن على استحقاق اللعن ، وحينئذ يعم ذلك . 
				
						
						
