( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار    ) . 
قوله : ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار    ) . 
اعلم أنه تعالى لما وصف علماء اليهود  بكتمان الحق وعظم في الوعيد عليه  ، وصف ذلك الجرم ليعلم أن ذلك العقاب إنما عظم لهذا الجرم العظيم . 
واعلم أن الفعل إما أن يعتبر حاله في الدنيا أو في الآخرة ، أما في الدنيا فأحسن الأشياء الاهتداء والعلم وأقبح الأشياء الضلال والجهل ، فلما تركوا الهدى والعلم في الدنيا ، ورضوا بالضلال والجهل ، فلا شك أنهم في نهاية الخسارة في الدنيا ، وأما في الآخرة فأحسن الأشياء المغفرة ، وأخسرها العذاب ، فلما تركوا المغفرة ورضوا بالعذاب ، فلا شك أنهم في نهاية الخسارة في الآخرة . 
وإذا كانت صفتهم على ما ذكرناه ، كانوا لا محالة أعظم الناس خسارا في الدنيا وفي الآخرة ، وإنما حكم تعالى عليهم بأنهم اشتروا العذاب بالمغفرة ؛ لأنهم لما كانوا عالمين بما هو الحق ، وكانوا عالمين بأن في إظهاره وإزالة الشبهة عنه أعظم الثواب ، وفي إخفائه وإلقاء الشبهة فيه أعظم العقاب ، فلما أقدموا على إخفاء ذلك الحق كانوا بائعين للمغفرة بالعذاب لا محالة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					