فصل 
فإن تغيرت العادة بتقدم أو تأخر أو زيادة  لم تجاوز أكثر الحيض مثل أن يكون حيضها عشرة أيام في أول الشهر فترى الحيض قبلها أو بعدها أو أكثر منها - لم تلتفت إلى ذلك في المشهور من المذهب ؛ حتى يتكرر ثلاثا أو مرتين ، بل يكون مشكوكا فيه ، تصوم وتصلي وتقضي الصوم إن تكرر على معنى واحد ، فإن يئست قبل ذلك وانقطع حيضها تقضيه كطهر المستحاضة المشكوك فيه ، وقيل : تقضيه كصوم النفاس المشكوك فيه ، ولا يقربها زوجها ، وتغتسل عند انقطاع الدم في آخر العادة إن كان في أثر العادة ؛ كما قلنا في المبتدأة ؛ لأن هذا الدم بمنزلة ما زاد على أقل الحيض وأولى . 
 [ ص: 504 ] وقد روي عنه ما يدل على أنه حيض ما لم يجاوز أكثر الحيض ، لما ذكره  البخاري  في صحيحه :  " إن نساءكن يبعثن إلى  عائشة  بالدرجة ، فيها الكرسف ، فيه الصفرة ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء . تريد بذلك الطهر من الحيضة " فاعتبرت حصول النقاء الخالص ، ولم تأمرهن بالعادة . وعن فاطمة بنت المنذر  قالت : " كنا في حجر جدتي  أسماء  بنات بنتها ، فكانت إحدانا تطهر من الحيضة ، ثم لعل الحيضة تنكسها بالصفرة فتأمرنا أن نعتزل الصلاة ما رأيناها حتى لا نرى إلا البياض خالصا " رواه سعيد    . ولأن الأصل في الدم الخارج أن يكون دم حيض ؛ لأن دم الاستحاضة دم مرض وفساد . 
ووجه الأول ما روت  عائشة  رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر : " إنما هو عرق ، أو قال : عروق   " رواه أحمد   وأبو داود   وابن ماجه  ، وقالت  أم عطية    : " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا   " رواه  أبو داود    . وهذا يدل على أن الزائد على الطهر المعتاد ليس بحيض ، ولأنه دم زائد على العادة ، فلم يثبت حتى يميز بالتكرار ؛ كالزائد على العادة في حق الاستحاضة ، وهذا لأن الصلاة ثابتة في ذمتها بيقين ، وخروجه على العادة يورث الشك فيه ، فوجب الاحتياط فيه ، فأما إن نقص عن العادة فإن الطهر يثبت بذلك ؛ لأن الطاهر لا تكون حائضا قط ، وعلى ذلك يحمل حديث  عائشة  وأسماء  ؛ لأن الطهر قبل كمال العادة طهر   [ ص: 505 ] صحيح إذا رأت النقاء الخالص ، فإن الصفرة والكدرة في العادة حيض ، ويدل على ذلك ما روى حرب  عن  عائشة  قالت : " إذا رأت بعد الغسل صفرة أو كدرة توضأت وصلت "   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					