مسألة : 
" ومني الآدمي ، وبول ما يؤكل لحمه  طاهر "   . 
وأما المني فأشهر الروايتين أنه طاهر لما روت  عائشة  قالت : " كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذهب فيصلي فيه "   . 
 [ ص: 111 ] رواه الجماعة إلا  البخاري  ، ولو كان نجسا لم يجزئ فركه كسائر النجاسات . والرواية الأخرى هو نجس يجزئ فركه لهذا الحديث ؛ لأن الفرك إنما يدل على خفة النجاسة كالدم ولهذا يجزئ مسح رطبه على هذه الرواية ، نص عليه ، ذكره القاضي كفرك يابسه وإن كان مفهوم كلام أكثر أصحابنا أنه لا يجزئ إلا الفرك كقول  أبي حنيفة  فإنه خلاف المذهب ، ويختص الفرك بمني الرجل لأنه أبيض غليظ يذهب الفرك والمسح بأكثره بخلاف مني المرأة ، فإن الفرك والمسح لا يؤثر فيه طائلا ، وإنما يجب الغسل أو المسح أو الفرك في كثيره ، فأما يسيره يعفى عنه كالدم وأولى ، وإذا اشتبه موضع الجنابة فرك الثوب كله ، أو غسل ما رأى وفرك ما لم ير ، وهذا مشروع على الرواية الأولى استحبابا والأولى أشهر ؛ لأن الأصل في النجاسة وجوب الغسل ؛ ولأن أثر  ابن عباس  سئل عن المني يصيب الثوب فقال : " أمطه عنك ولو بإذخر أو خرقة فإنما هو بمنزلة المخاط أو البزاق " ونحوه عن   [ ص: 112 ]  سعد بن أبي وقاص  ، وقد روى حديث  ابن عباس  مرفوعا . 
وأما الرطوبة التي في فرج المرأة  فطاهر في أقوى الروايتين ، وأما بول ما يؤكل لحمه وروثه  فطاهر في ظاهر المذهب ، لما روي عن  البراء بن عازب  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :   " لا بأس ببول ما أكل لحمه "   . رواه  الدارقطني    . واحتج به أحمد  في رواية عبد الله  ، وقال أبو بكر عبد العزيز  ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما أخرجا في الصحيحين عن  أنس بن مالك  أن رهطا من عكل أو قال من عرينة قدموا فاجتووا المدينة    " فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها "   . رواه الجماعة ، ولم يأمرهم بغسل أفواههم وما يصيبهم منه مع أنهم أعراب معتادون شربه . 
 [ ص: 113 ] حديثو عهد بجاهلية ، وساقه مع اللبن سياقة واحدة . وكل هذا يدل على طهارته . وصح عنه أنه أذن في الصلاة في مرابض الغنم  ولم يأمر بحائل ، وطاف على بعيره ، وأذن  لأم سلمة  بالطواف على بعير ، وكان الأعرابي يدخل بعيره في المسجد وينتجه فيه ، ولو كانت أرواثها نجسة - مع أن عادة البهائم ألا تمتنع من البول في بقعة دون بقعة - لوجب صيانة المسجد عن ذلك ، ولما سألته الجن الزاد لهم ولدوابهم . قال : " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحما . وكل بعرة علف لدوابكم" قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تستنجوا بها فإنها زاد إخوانكم من الجن"   . 
فلو كان قد أباح لهم الروث النجس لم يكن في صيانته عن نجاسة مثله معنى وقال أبو بكر بن الأشج    : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون وخروء البعير في ثيابهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					