( فصل ) 
وأما الطير : فثلاثة أنواع ؛ أحدها : الحمام وفيه شاة قال أحمد    - في رواية ابن القاسم  وسندي    - : كل طير يعب الماء مثل الحمام يشرب كما يشرب الحمام : فيه شاة ، وما كان مثل العصفور ونحوه : ففيه القيمة ، ويلزم   [ ص: 298 ] المحرم كما يلزم الحلال في حمام الحرم . 
والطير صيد ، والدجاج ليس بطير ، وإنما أهلي ، وقال - في رواية ابن منصور    - : حمام الحل والحرم سواء ، وذلك لما روى .... 
وعن  سعيد بن جبير  قال :  " كان  ابن عباس  يقول : في طير حمام مكة   شاة "   . 
وعن  عطاء  ، عن  ابن عباس  أنه كان يقول : " - في الحمام والقمري والدبسي والقطا والحجلة - شاة شاة "   . 
وعن  عطاء    :   " أن غلاما من قريش  قتل حمامة الحرم ، فسأل أبوه  ابن عباس  ، فأمره أن يذبح شاة "   . 
وعن  يوسف بن ماهك   وعطاء  قالا :   " أغلق رجل بابه على حمامة وفرخيها   [ ص: 299 ] وانطلق إلى عرفات  ، فرجع وقد متن ، فأتى  ابن عمر  فسأله ، فجعل عليه ثلاثا من الغنم وحكم معه رجل "   . 
والمراد بالحمام وما أشبهه : كلما عب الماء ولم يتعرض للهدير ؛ لأن الحمام يشبه الغنم من حيث يعب الماء كما الغنم تعب الماء . 
وقال أبو الخطاب  وغيره : هو كل ما عب وهدر ؛ والعب هو شرب الماء متواصلا وهو خلاف المص ، فإن الدجاج والعصافير تشرب الماء متفرقا ومنه الكباد من العباب ، وقال الكسائي    : كل مطوق حمام ... ، ومنه   [ ص: 300 ] الشفانين ، والوراشين ، والقماري ، والدباسي ، والفواخت والقطاء والقبج . 
هذا قول .... أبي الخطاب    . 
وذكر القاضي - في خلافه - : القطاء والسمان مع العصافير . وما كان أصغر من الحمام فلا مثل له ، لكن فيه القيمة ، نص عليه ؛ لما روى عكرمة  عن  ابن عباس  قال : " كل يصيبه المحرم دون الحمامة قيمته " رواه سعيد  والنجاد  ولفظه : ما أصيب من الطير دون الحمام  ففيه الفدية . 
وعن عكرمة  قال:   " سأل مروان   ابن عباس    - ونحن بوادي الأزرق - قال :   [ ص: 301 ] الصيد يصيبه المحرم ليس له بدل من النعم  ؟ فقال  ابن عباس    : " ثمنه يهدى إلى مكة    " رواه سعيد    . ولا يعرف له مخالف ، ولأن الله أوجب المثل من النعم ، أو كفارة طعام مساكين ، أو الصيام ، فإذا تعذر أحد الخصال : وجب الإخراج من الباقي ، كما لو عجز عن الصيام ، وكخصال كفارة اليمين وفدية الأذى . 
ولأن الله حرم قتل الصيد ، وذلك يعم جميع أنواعه ، وأوجب فيما حرم الجزاء أو الكفارة ، أو الصيام ، فعلم دخول ذلك تحت العموم . 
وأما ما كان أكبر من الحمام مثل الحبارى والكروان والكركي والحجل واليعقوب وهو ذكر القبج : فقد خرجه .... ، وأبو الخطاب  على وجهين ؛ أحدهما : أن فيه القيمة وهو مقتضى كلام الشيخ هنا ؛ لأنه أوجب القيمة في الطير كله إلا الحمام والنعامة ؛ لأن القياس يقتضي إيجابها في جميع أنواع الطير ، لكن ترك هذا القياس في الجماع استحسانا لإجماع الصحابة ، ولأنه يشبه الغنم في عب الماء فيبقى ما سواه على موجب القياس . 
 [ ص: 302 ] والثاني : يجب فيه شاة وهو الذي ذكره ابن أبي موسى  وهو ظاهر كلام أحمد  ، بل نصه ، فإنه قال : وما كان مثل العصفور ونحوه ففيه شاة . وهذا أصح ؛ لأن  ابن عباس  قال : " في الحمام والدبسي والقمري والقطاء والحجل : شاة شاة "   . 
وقال أيضا - " ما أصيب من الطير دون الحمام : ففيه القيمة " فعلم أنه أوجب شاة في الحمام وما كان مثله وأكبر منه ، وأوجب القيمة فيما دونه . 
وأيضا : فإن هذا أكبر من الحمام : فكان أولى بإيجاب الشاة .... 
وأيضا : فإن المماثلة كما تعتبر في الخلقة والصورة : فتعتبر في الصفات والأخلاق وجنس الطير بما أوتي من المنعة وطيب اللحم : أفضل من الدواب ، فجاز أن يعادل هذا ما في الإنعام من كبر الخلقة . 
فعلى هذا ما كان أكبر من الشاة إن كان ... . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					