قال المصنف  رحمه الله تعالى ( والمستحب أن يجلسه إجلاسا رفيقا ، ويمسح بطنه مسحا بليغا  ، لما روى  القاسم بن محمد  قال " توفي عبد الله بن عبد الرحمن  فغسله  ابن عمر  فنفضه نفضا شديدا ، وعصره عصرا شديدا ، ثم غسله " ولأنه ربما كان في جوفه شيء . فإذا لم يعصره قبل الغسل خرج بعده ، وربما خرج بعدما كفن فيفسد الكفن ، وكلما أمر اليد على البطن صب عليه ماء كثيرا ، حتى إن خرج شيء لم تظهر رائحته ، ثم يبدأ فيغسل أسافله كما يفعل الحي إذا أراد الغسل ، ثم يوضأ كما يتوضأ الحي لما روت أم عطية  قالت " { لما غسلنا ابنة رسول الله  [ ص: 128 ] صلى الله عليه وسلم قال لنا : ابدءوا بميامنها ومواضع الوضوء   } لأن الحي يتوضأ إذا أراد الغسل ، ويدخل أصبعه في فيه ، ويسوك بها أسنانه ، ولا يفغر فاه ، ويتتبع ما تحت أظفاره - إن لم يكن قد قلم أظفاره - ويكون ذلك بعود لين لا يجرحه ، ثم يغسله ، ويكون كالمنحدر قليلا حتى لا يجتمع الماء تحته فيستنقع فيه ويفسد بدنه ، ويغسله ثلاثا كما يفعل الحي في وضوئه وغسله فيبدأ برأسه ولحيته كما يفعل الحي ، فإن كانت اللحية متلبدة سرحها حتى يصل الماء إلى الجميع ، ويكون بمشط منفرج الأسنان ويمشطه برفق حتى لا ينتف شعره ، ثم يغسل شقه الأيمن حتى ينتهي إلى رجله ، ثم شقه الأيسر حتى ينتهي إلى رجله ، ثم يحرفه على جنبه الأيسر ، فيغسل جانب ظهره كذلك لحديث أم عطية    . 
والمستحب أن تكون الغسلة الأولى بالماء والسدر ، لما روى  ابن عباس  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قال في المحرم الذي خر من بعيره : اغسلوه بماء وسدر   } ولأن السدر ينظف الجسم ; ثم يغسل بالماء القراح ويجعل في الغسلة الأخيرة شيئا من الكافور ، لما روت أم سليم  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " { إذا كان في آخر غسلة من الثلاث أو غيرها فاجعلي فيه شيئا من الكافور   } ولأن الكافور يقويه ، وهل يحتسب الغسل بالسدر من الثلاث أم لا ؟ فيه وجهان . قال  أبو إسحاق    : يعتد به لأنه غسل بما لم يخالطه شيء ، ومن أصحابنا من قال : لا يعتد به لأنه ربما غلب عليه السدر ، فعلى هذا يغسل ثلاث مرات أخر بالماء القراح والواجب منها مرة واحدة كما قلنا في الوضوء . ويستحب أن يتعاهد إمرار اليد على البطن في كل مرة ، فإن غسل الثلاث ولم يتنظف زاد حتى يتنظف ، والسنة أن يجعله وترا خمسا أو سبعا ، لما روت أم عطية    { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اغسلنها وترا ، ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن   } " والفرض مما ذكرناه النية ، وغسل مرة واحدة ، وإذا فرغ من غسله أعيد تليين أعضائه وينشف بثوب لأنه إذا كفن وهو رطب ابتل الكفن وفسد وإن غسل ثم خرج منه شيء ففيه ثلاثة أوجه : 
( أحدها ) يكفيه غسل الموضع كما لو غسل ثم أصابته نجاسة من غيره . 
( والثاني ) يجب منه الوضوء لأنه حدث فأوجب الوضوء ، كحدث الحي . 
( والثالث ) يجب الغسل منه ، لأنه خاتمة أمره ، فكان بطهارة كاملة وإن تعذر غسله لعدم الماء أو غيره يمم لأنه تطهير لا يتعلق بإزالة عين ، فانتقل فيه عند العجز إلى التيمم كالوضوء وغسل الجنابة ) . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					