( أما ) وقت وجوب القضاء  ففيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف  بدليلهما : ( أصحهما ) عند المصنف  والأصحاب : يجب على الفور وهو ظاهر النص ، ( والثاني ) على التراخي ( فإن قلنا ) : على الفور ، وجب في السنة المستقبلة ،  [ ص: 400 ] ولا يجوز تأخيره عنها ، فإن أخره عنها بلا عذر أثم ولم يسقط عنه القضاء بل تجب المبادرة في السنة التي تليها ، وهكذا أبدا . 
قال أصحابنا : فإن أحصر بعد الإفساد وتحلل قبل فوات الوقوف وأمكنه الإحرام بالقضاء ، وإدراك الحج في سنته ، لزمه ذلك إذا قلنا : إن القضاء على الفور ، لأنه أقرب من السنة المستقبلة ، قال أصحابنا : يجب عليه في القضاء أن يحرم من أبعد الموضعين ، وهما الميقات الشرعي . والموضع الذي أحرم منه في الأداء هذه عبارة الأصحاب وشرحوها فقالوا : إن كان أحرم في الأداء من الميقات الشرعي أحرم منه في القضاء ، وإن كان أحرم قبل الميقات من دويرة أهله أو غيرها لزمه أن يحرم في هذا القضاء من ذلك الموضع ، فإن جاوزه غير محرم لزمه الدم كما يلزمه بمجاوزة الميقات الشرعي ، وإن كان أحرم في الأداء بعد مجاوزة الميقات الشرعي نظر - إن جاوزه مسيئا - لزمه في القضاء الإحرام من الميقات الشرعي ، وليس له أن يسيء ثانيا ، وهذا مما يدخل في قول الأصحاب : يحرم في القضاء من أبعد الموضعين ، وإن جاوزه غير مسيء بأن لم يرد النسك ، ثم بدا له بعد مجاوزته فأحرم ثم أفسده ، فوجهان : ( أصحهما ) وبه قطع البغوي  وغيره : يلزمه أن يحرم في القضاء من الميقات الشرعي ، ( والثاني ) له أن يحرم من ذلك الموضع ، ليسلك بالقضاء مسلك الأداء ولهذا لو اعتمر من الميقات ثم أحرم بالحج من مكة  وأفسده  كفاه في القضاء أن يحرم بالحج من نفس مكة  بلا خلاف ، وكذا لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ، ثم أفسدها ، كفاه أن يحرم في قضائها من أدنى الحل بلا خلاف . 
قال الرافعي  وغيره والوجهان فيمن لم يرجع في الأداء إلى الميقات ، أما من كان رجع ثم عاد فيلزمه في القضاء الإحرام من الميقات ، وجها واحدا والله أعلم . واتفق أصحابنا على أنه لا يلزم في القضاء الطريق الذي سلكه في الأداء ، بل سلوك طريق آخر ، ولكن بشرط أن يحرم من قدر مسافة الإحرام في الأداء . واتفق أصحابنا على أنه لا يجب أن يحرم في القضاء في  [ ص: 401 ] الزمن الذي أحرم منه في الأداء ، بل له التأخير عنه بخلاف المكان الذي أحرم منه في الأداء ، وممن صرح بالمسألة  القاضي حسين  والبغوي  والرافعي  ، وفرقوا بأن اعتناء الشرع بالميقات المكاني أكمل ، ولهذا يتعين مكان الإحرام بالنذر ولا يتعين زمانه بالنذر حتى لو نذر الإحرام في شوال له تأخيره ، هكذا ذكر هذا الاستشهاد  القاضي حسين  والرافعي  وغيرهما ، قال  القاضي    : هو استشهاد مشكل ، لأن طول الإحرام عبادة ، وما كان عبادة لزمه بالنذر ، قال : وأصل هذه المسألة أنه لو نذر الصوم في أيام طوال ، له أن يصوم في قصار ، ولو نذر أن يصوم أطول أيام السنة لزمه ، لأنه متعين . وكذا قال الرافعي  ، وأظن هذا الاستشهاد لا يخلو من نزاع ، والله أعلم . 
( فرع ) قال المتولي    : لو أرادت المرأة القضاء على الفور ، هل للزوج منعها أم لا  ؟ ( إن قلنا ) : القضاء على التراخي فله منعها ، وإلا فلا ، وقال البغوي    : هل يلزمه أن يأذن لها في القضاء ؟ فيه وجهان : ( أحدهما ) لا يلزمه كما لا يلزمه في الابتداء ( والثاني ) يلزمه لأنه هو الذي ألزمها القضاء . 
( فرع ) ذكر  القفال  وآخرون من الخراسانيين هنا أن الوجهين اللذين ذكرناهما في كون القضاء يجب على الفور أم على التراخي جاريان في كل كفارة وجبت بعدوان ، ( وأما ) الكفارة بلا عدوان فعلى التراخي وذكروا قضاء الصوم والصلاة وقد سبق بيان هذا كله في موضعين من هذا الشرح في آخر باب مواقيت الصلاة وفي آخر كتاب الصوم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					