( الثانية ) إذا أفتى بشيء ثم رجع عنه  فإن علم المستفتي برجوعه ، ولم يكن عمل بالأول لم يجز العمل به ، وكذا إن نكح بفتواه واستمر على نكاح بفتواه ثم رجع ، لزمه مفارقتها كما لو تغير اجتهاد من قلده في القبلة في أثناء صلاته ، وإن كان عمل قبل رجوعه فإن خالف دليلا قاطعا لزم المستفتي نقض عمله ذلك ، وإن كان في محل اجتهاد لم يلزمه نقضه ; لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد . وهذا التفصيل ذكره  الصيمري   والخطيب   وأبو عمرو  ، واتفقوا عليه ، ولا أعلم خلافه ، وما ذكره الغزالي  والرازي  ليس فيه تصريح بخلافه . قال  أبو عمرو    : وإذا كان يفتي على مذهب إمام فرجع لكونه بان له قطعا مخالفة نص مذهب إمامه ، وجب نقضه وإن كان في محل الاجتهاد ; لأن نص مذهب إمامه في حقه كنص الشارع في حق المجتهد المستقل . أما إذا لم يعلم المستفتي برجوع المفتي فحال المستفتي في علمه كما قبل الرجوع ، ويلزم المفتي إعلامه قبل العمل ، وكذا بعده حيث يجب النقض ، وإذا عمل بفتواه في إتلاف فبان خطؤه وأنه خالف القاطع فعن الأستاذ أبي إسحاق  أنه يضمن إن كان أهلا للفتوى ، ولا يضمن إن لم يكن أهلا ; لأن المستفتي قصر . كذا حكاه الشيخ  أبو عمرو  وسكت عليه ، وهو مشكل وينبغي أن يخرج الضمان على قولي الغرور المعروف في بابي الغصب والنكاح وغيرهما ، أو يقطع بعدم الضمان ; إذ ليس في الفتوى إلزام ولا إلجاء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					