( 1380 ) مسألة : قال : ( وإن صلوا الجمعة قبل الزوال  في الساعة السادسة ، أجزأتهم ) وفي بعض النسخ ، في الساعة الخامسة . والصحيح في الساعة السادسة . وظاهر كلام الخرقي  أنه لا يجوز صلاتها فيما قبل السادسة . وروي عن  ابن مسعود  ،  وجابر  ،  وسعيد  ،  ومعاوية  ، أنهم صلوها قبل الزوال . وقال  القاضي  ، وأصحابه : يجوز فعلها في وقت صلاة العيد . 
وروى ذلك عبد الله  ، عن أبيه ، قال : نذهب إلى أنها كصلاة العيد . وقال  مجاهد    : ما كان للناس عيد إلا في أول النهار . وقال  عطاء    : كل عيد حين يمتد الضحى ; الجمعة ، والأضحى ، والفطر ; لما روي عن  ابن مسعود  ، أنه قال : { ما كان عيد إلا في أول النهار ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 105 ] يصلي بنا الجمعة في ظل الحطيم    } . رواه  ابن البختري  في " أماليه " بإسناده . 
وروي عن  ابن مسعود  ،  ومعاوية  ، أنهما صليا الجمعة ضحى ، وقالا : إنما عجلنا خشية الحر عليكم . وروى  الأثرم  حديث  ابن مسعود    . ولأنها عيد فجازت في وقت العيد ، كالفطر والأضحى والدليل على أنها عيد قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين   } . وقوله : { قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان   } . 
وقال أكثر أهل العلم : وقتها وقت الظهر ، إلا أنه يستحب تعجيلها في أول وقتها ; لقول  سلمة بن الأكوع    : { كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ، ثم نرجع نتبع الفيء   } . متفق عليه . 
وقال  أنس    : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس   } . رواه  البخاري    . ولأنهما صلاتا وقت ، فكان وقتهما واحدا ، كالمقصورة والتامة ، ولأن إحداهما بدل عن الأخرى ، وقائمة مقامها ، فأشبها الأصل المذكور ، ولأن آخر وقتهما واحد ، فكان أوله واحدا ، كصلاة الحضر والسفر . ولنا ، على جوازها في السادسة السنة والإجماع ; أما السنة فما روى  جابر بن عبد الله  ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي - يعني الجمعة - ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حتى تزول الشمس .   } أخرجه  مسلم    . 
وعن  سهل بن سعد  ، قال : { ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم   } . متفق عليه . قال  ابن قتيبة    : لا يسمى غداء ، ولا قائلة بعد الزوال . وعن سلمة  ، قال : { كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ، ثم ننصرف وليس للحيطان فيء .   } رواه أبو داود    . 
وأما الإجماع ، فروى  الإمام أحمد  عن  وكيع  ، عن جعفر بن برقان  ، عن ثابت بن الحجاج  ، عن عبد الله بن سيدان  ، قال : شهدت الخطبة مع  أبي بكر  ، فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار ، وشهدتها مع  عمر بن الخطاب  ، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد انتصف النهار ، ثم صليتها مع  عثمان بن عفان  ، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد زال النهار ، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره . 
قال : وكذلك روي عن  ابن مسعود  ،  وجابر  ،  وسعيد  ،  ومعاوية  ، أنهم صلوا قبل الزوال ، وأحاديثهم تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بعد الزوال في كثير من أوقاته ، ولا خلاف في جوازه ، وأنه الأفضل والأولى ، وأحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال ، ولا تنافي بينهما . 
وأما في أول النهار ، فالصحيح أنها لا تجوز ، لما ذكره أكثر أهل العلم ، ولأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل ، من نص ، أو ما يقوم مقامه ، وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه ، أنهم صلوها في أول النهار ، ولأن مقتضى الدليل كون وقتها وقت الظهر ، وإنما جاز تقديمها عليه بما ذكرنا من الدليل ، وهو مختص بالساعة السادسة ، فلم يجز تقديمها عليها ، والله أعلم . 
ولأنها لو صليت في أول النهار لفاتت أكثر المصلين ، فإن العادة اجتماعهم لها عند الزوال ، وإنما يأتيها ضحى آحاد من الناس ، وعدد يسير ، كما روي عن  ابن مسعود  أنه أتى الجمعة ، فوجد أربعة قد سبقوه ، فقال : رابع أربعة ، وما رابع أربعة ببعيد . 
إذا ثبت هذا ، فالأولى أن لا تصلى إلا بعد الزوال ; ليخرج من الخلاف ، ويفعلها في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها فيه في أكثر أوقاته ، ويعجلها في أول وقتها في الشتاء والصيف ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجلها ، بدليل الأخبار التي رويناها ، ولأن الناس يجتمعون لها في أول وقتها ، ويبكرون إليها قبل وقتها ، فلو انتظر الإبراد بها لشق على الحاضرين ، وإنما جعل الإبراد بالظهر في شدة الحر  دفعا للمشقة التي يحصل أعظم منها بالإبراد بالجمعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					