( 1479 ) مسألة ; قال : ( ويستقبل القبلة ، ويحول رداءه ، فيجعل اليمين يسارا ، واليسار يمينا ، ويفعل الناس كذلك ) وجملته أنه يستحب للخطيب استقبال القبلة في أثناء الخطبة    ; لما روى  عبد الله بن زيد    { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي ، فتوجه إلى القبلة يدعو .   } رواه  البخاري    . وفي لفظ : { فحول إلى الناس ظهره ، واستقبل القبلة يدعو   } . 
ويستحب أن يدعو سرا حال استقبال القبلة ، فيقول : اللهم إنك أمرتنا بدعائك ، ووعدتنا إجابتك ، فقد دعوناك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدتنا ، اللهم فامنن علينا بمغفرة ذنوبنا ، وإجابتنا في سقيانا ، وسعة أرزاقنا . ثم يدعو بما شاء من أمر دين ودنيا . وإنما يستحب الإسرار ; ليكون أقرب من الإخلاص ، وأبلغ في الخشوع والخضوع والتضرع ، وأسرع في الإجابة ، قال الله تعالى : { ادعوا ربكم تضرعا وخفية    } . 
واستحب الجهر ببعضه ; ليسمع الناس ، فيؤمنون على دعائه .  [ ص: 151 ] ويستحب أن يحول رداءه في حال استقبال القبلة ; لأن في حديث  عبد الله بن زيد  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { يوم خرج يستسقي ، فحول إلى الناس ظهره ، واستقبل القبلة ، ثم حول رداءه   } . متفق عليه . وهذا لفظ رواه  البخاري    . وفي لفظ رواه  مسلم    : { فحول رداءه حين استقبل القبلة   } . وفي لفظ : { وقلب رداءه   } . متفق عليه . 
ويستحب تحويل الرداء للإمام والمأموم ، في قول أكثر أهل العلم . وقال  أبو حنيفة    : لا يسن ; لأنه دعاء ، فلا يستحب تحويل الرداء فيه ، كسائر الأدعية . وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع . وحكي عن  سعيد بن المسيب  ،  وعروة  ،  والثوري  ، أن تحويل الرداء مختص بالإمام دون المأموم . 
وهو قول  الليث  ،  وأبي يوسف  ،  ومحمد بن الحسن  ، لأنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم دون أصحابه . ولنا ، أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حق غيره ، ما لم يقم على اختصاصه به دليل ، كيف وقد عقل المعنى في ذلك ، وهو التفاؤل بقلب الرداء ، ليقلب الله ما بهم من الجدب إلى الخصب ، وقد جاء ذلك في بعض الحديث . وصفة تقليب الرداء أن يجعل ما على اليمين على اليسار ، وما على اليسار على اليمين . 
روي ذلك عن  أبان بن عثمان  ،  وعمر بن عبد العزيز  ، وهشام بن إسماعيل  ،  وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم  ،  ومالك    . وكان  الشافعي  يقول به ، ثم رجع ، فقال : يجعل أعلاه أسفله ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصة سوداء ، فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها ، فلما ثقلت عليه جعل العطاف الذي على الأيسر على عاتقه الأيمن ، والذي على الأيمن على عاتقه الأيسر .   } رواه أبو داود    . 
ودليلنا ما روى أبو داود  ، بإسناده عن  عبد الله بن زيد  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه ، وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر ، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن   } . وفي حديث  أبي هريرة  نحو ذلك . والزيادة التي نقلوها ، إن ثبتت ، فهي ظن الراوي ، لا يترك لها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد نقل تحويل الرداء جماعة ، لم ينقل أحد منهم أنه جعل أعلاه أسفله ، ويبعد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك في جميع الأوقات لثقل الرداء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					