( 143 ) مسألة : قال : والنية للطهارة يعني نية الطهارة . والنية : القصد ، يقال : نواك : الله بخير . أي قصدك به . ونويت السفر . أي : قصدته ، وعزمت عليه . والنية من شرائط الطهارة للأحداث كلها ، لا يصح وضوء ولا غسل ولا تيمم ، إلا بها . روي ذلك عن  علي  وبه قال  ربيعة   ومالك   والشافعي   والليث  وإسحاق   وأبو عبيدة  ،  وابن المنذر  وقال  الثوري  وأصحاب الرأي : لا تشترط النية في طهارة الماء ،  وإنما تشترط في التيمم ; لأن الله تعالى قال : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم    } الآية ، ذكر الشرائط ، ولم يذكر النية ، ولو كانت شرطا لذكرها ; ولأن مقتضى الأمر حصول الإجزاء  [ ص: 79 ] بفعل المأمور به ، فتقضي الآية حصول الإجزاء بما تضمنته ; ولأنها طهارة بالماء ، فلم تفتقر إلى النية كغسل النجاسة . 
ولنا : ما روى  عمر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى   } . متفق عليه ، فنفى أن يكون له عمل شرعي بدون النية ; ولأنها طهارة عن حدث ، فلم تصح بغير نية ، والآية حجة لنا ; فإن قوله {    : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم    } . أي : للصلاة ، كما يقال : إذا لقيت الأمير فترجل . أي : له وإذا رأيت الأسد فاحذر . أي : منه ، وقولهم : ذكر كل الشرائط . 
قلنا : إنما ذكر أركان الوضوء ، وبين النبي صلى الله عليه وسلم شرطه كآية التيمم . وقولهم : مقتضى الأمر حصول الإجزاء . قلنا : بل مقتضاه وجوب الفعل ، وهو واجب . فاشترط لصحته شرط آخر ، بدليل التيمم وقولهم : إنها طهارة . قلنا : إلا أنها عبادة ، والعبادة لا تكون إلا منوية ; لأنها قربة إلى الله تعالى ، وطاعة له ، وامتثال لأمره ، ولا يحصل ذلك بغير نية . 
				
						
						
