( 1656 ) مسألة ; ( قال : والبكاء غير مكروه ، إذا لم يكن معه ندب ولا نياحة    ) أما البكاء بمجرده فلا يكره في حال . وقال  الشافعي    : يباح إلى أن تخرج الروح ، ويكره بعد ذلك ; لما روى عبد الله بن عتيك  قال : { جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن ثابت  يعوده ، فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه ، فاسترجع ، وقال : غلبنا عليك أبا الربيع .  فصاح النسوة ، وبكين ، فجعل ابن عتيك  يسكتهن . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : دعهن ، فإذا وجب فلا تبكين باكية .   } يعني إذا مات . ولنا ، ما روى  أنس  ، قال : { شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر ، فرأيت عينيه تدمعان   } . { وقبل النبي صلى الله عليه وسلم  عثمان بن مظعون  وهو ميت ، ورفع رأسه ، وعيناه تهراقان   } . وقال  أنس    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  [ ص: 213 ]   { أخذ الراية زيد  فأصيب ، ثم أخذها جعفر  فأصيب ، ثم أخذها  عبد الله بن رواحة  فأصيب وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان   } وقالت عائشة    : دخل  أبو بكر  ، فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله ، ثم بكى . وكلها أحاديث صحاح . 
وروى الأموي  ، في " المغازي " ، عن عائشة  ، أن  سعد بن معاذ  لما مات ، جعل  أبو بكر   وعمر  ينتحبان ، حتى اختلطت علي أصواتهما . وروي { أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على  سعد بن عبادة  ، وهو في غاشيته ، فبكى ، وبكى أصحابه ، وقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا ، وأشار إلى لسانه . أو يرحم .   } وعنه عليه السلام ، { أنه دخل على ابنه إبراهيم  ، وهو يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان ، فقال له  عبد الرحمن بن عوف    : وأنت يا رسول الله ؟ فقال : يا ابن عوف  إنها رحمة . ثم أتبعها بأخرى ، فقال : إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم  لمحزونون .   } متفق عليهما . 
وحديثهم محمول على رفع الصوت والندب وشبههما ، بدليل ما روى  جابر  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ابنه ، فوضعه في حجره ، فبكى ، فقال له  عبد الرحمن بن عوف    : أتبكي ؟ أو لم تكن نهيت عن البكاء ؟ قال : لا ، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين ; صوت عند مصيبة ، وخمش وجوه ، وشق جيوب ، ورنة شيطان .   } قال الترمذي    : هذا حديث حسن . 
وهذا يدل على أنه لم ينه عن مطلق البكاء ، وإنما نهى عنه موصوفا بهذه الصفات . وقال  عمر  رضي الله عنه : ما على نساء بني المغيرة  أن يبكين على أبي سليمان  ، ما لم يكن نقع أو لقلقة . قال أبو عبيد    : اللقلقة : رفع الصوت ، والنقع : التراب يوضع على الرأس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					