( 1769 ) مسألة : قال :   ( ولا للزوج ، ولا للزوجة )  أما الزوجة فلا يجوز دفع الزكاة إليها  إجماعا . قال  ابن المنذر  أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة ; وذلك لأن نفقتها واجبة عليه ، فتستغني بها عن أخذ الزكاة ، فلم يجز دفعها إليها ، كما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها . وأما الزوج ، ففيه روايتان : إحداهما ، لا يجوز دفعها إليه . 
وهو اختيار أبي بكر  ومذهب  أبي حنيفة  لأنه أحد الزوجين ، فلم يجز للآخر دفع زكاته إليه كالآخر ، ولأنها تنتفع بدفعها إليه ; لأنه إن كان عاجزا عن الإنفاق عليها ، تمكن بأخذ الزكاة من الإنفاق ، فيلزمه ، وإن لم يكن عاجزا ، ولكنه أيسر بها ، لزمته نفقة الموسرين ، فتنتفع بها في الحالين ، فلم يجز لها ذلك ، كما لو دفعتها في أجرة دار ، أو نفقة رقيقها أو بهائمها . 
فإن قيل : فيلزم على هذا الغريم ; فإنه يجوز له دفع زكاته إلى غريمه ، ويلزم الآخذ بذلك وفاء دينه ; فينتفع الدافع بدفعها إليه . قلنا : الفرق بينهما من وجهين : أحدهما ، أن حق الزوجة في النفقة آكد من حق الغريم ، بدليل أن نفقة المرأة مقدمة في مال المفلس على أداء دينه ، وأنها تملك أخذها من ماله بغير علمه ، إذا امتنع من أدائها ، والثاني أن المرأة تنبسط في مال زوجها بحكم العادة ، ويعد مال كل واحد منهما مالا للآخر ، ولهذا قال  ابن مسعود  في عبد سرق مرآة امرأة سيده : عبدكم سرق مالكم . ولم يقطعه 
وروي ذلك عن  عمر  وكذلك لا تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه ، بخلاف الغريم مع غريمه . والرواية الثانية ، يجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها . وهو مذهب  الشافعي   وابن المنذر  وطائفة من أهل العلم ; { لأن زينب  امرأة  عبد الله بن مسعود  قالت يا نبي الله ، إنك أمرت اليوم بالصدقة ، وكان عندي حلي لي ، فأردت أن أتصدق به ، فزعم  ابن مسعود  أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق  ابن مسعود  ، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم .   } رواه  البخاري .  
وروي { أن امرأة عبد الله  سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن بني أخ لها أيتام في حجرها ، أفتعطيهم زكاتها ؟ قال : نعم   } 
وروى الجوزجاني ،  بإسناده عن  عطاء  قال : { أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة ، فقالت : يا رسول الله ، إن علي نذرا أن أتصدق بعشرين درهما ، وإن لي زوجا فقيرا ، أفيجزئ عني أن أعطيه ؟ قال : نعم ، لك كفلان من الأجر .   } ولأنه لا تجب نفقته ، فلا يمنع دفع الزكاة إليه ، كالأجنبي ، ويفارق الزوجة ، فإن نفقتها واجبة عليه ، ولأن الأصل جواز الدفع لدخول الزوج في عموم الأصناف المسمين في الزكاة ، وليس في المنع نص ولا إجماع . 
وقياسه على من ثبت المنع في حقه غير صحيح ; لوضوح الفرق بينهما ، فيبقى جواز الدفع ثابتا ، والاستدلال بهذا أقوى من الاستدلال بالنصوص ، لضعف دلالتها ;  [ ص: 271 ] فإن الحديث الأول في صدقة التطوع ، لقولها : أردت أن أتصدق بحلي لي . ولا تجب الصدقة بالحلي ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم { زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم .   } والولد لا تدفع إليه الزكاة . والحديث الثاني ، ليس فيه ذكر الزوج ، وذكر الزكاة فيه غير محفوظ . 
قال  أحمد  من ذكر الزكاة فهو عندي غير محفوظ ، إنما ذاك صدقة من غير الزكاة ، كذا قال  الأعمش  فأما الحديث الآخر فهو مرسل ، وهو في النذر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					