( 2097 ) مسألة ; قال : ( ومن دخل في صيام تطوع ، فخرج منه ، فلا قضاء عليه ، وإن قضاه فحسن ) وجملة ذلك أن من دخل في صيام تطوع ، استحب له إتمامه ، ولم يجب ، فإن خرج منه ، فلا قضاء عليه ، روي عن  ابن عمر  ،  وابن عباس  أنهما أصبحا صائمين ، ثم أفطرا ، وقال  ابن عمر    : لا بأس به ، ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان وقال  ابن عباس    : إذا صام الرجل تطوعا ، ثم شاء أن يقطعه قطعه  ، وإذا دخل في صلاة تطوعا ، ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال  ابن مسعود    : متى أصبحت تريد الصوم ، فأنت على آخر النظرين ، إن شئت صمت ، وإن شئت أفطرت هذا مذهب  أحمد  ،  والثوري  ،  والشافعي  ، وإسحاق  
وقد روى  حنبل  ، عن  أحمد  ، إذا أجمع على الصيام ، فأوجبه على نفسه ، فأفطر من غير عذر ، أعاد يوما مكان ذلك اليوم . وهذا محمول على أنه استحب ذلك ، أو نذره ليكون موافقا لسائر الروايات عنه . 
وقال  النخعي  ،  وأبو حنيفة  ،  ومالك    : يلزم بالشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر ، فإن خرج قضى . وعن  مالك    : لا قضاء عليه . 
واحتج من أوجب القضاء بما روي عن عائشة  ، أنها قالت : { أصبحت أنا وحفصة  صائمتين متطوعتين ، فأهدي لنا حيس ، فأفطرنا ، ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اقضيا يوما مكانه   } ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها ، كالحج والعمرة . ولنا ، ما روى  مسلم  ، وأبو داود  ،  والنسائي  ، عن  عائشة  ، { قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلت : لا . قال : فإني صائم . ثم مر بعد ذلك اليوم ، وقد أهدي إلي حيس ، فخبأت له منه ، وكان يحب الحيس . قلت : يا رسول الله ، إنه أهدي لنا حيس ، فخبأت لك منه ، قال : أدنيه ، أما إني قد أصبحت وأنا صائم . فأكل منه ، ثم قال لنا : إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة ; فإن شاء أمضاها ، وإن شاء حبسها   } هذا لفظ رواية  النسائي  ، وهو أتم من غيره 
وروت أم هانئ  ، { قالت : دخلت على رسول  [ ص: 45 ] الله صلى الله عليه وسلم فأتي بشراب ، فناولنيه فشربت منه ، ثم قلت : يا رسول الله ، لقد أفطرت وكنت صائمة . فقال لها : أكنت تقضين شيئا ؟ قالت : لا . قال : فلا يضرك إن كان تطوعا   } رواه سعيد  وأبو داود  ،  والأثرم  وفي لفظ قالت : { قلت ، إني صائمة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المتطوع أمير نفسه ، فإن شئت فصومي ، وإن شئت فأفطري   } ولأن كل صوم لو أتمه كان تطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاؤه ، كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبان أو من شوال . 
فأما خبرهم ، فقال أبو داود    : لا يثبت . وقال الترمذي    : فيه مقال . وضعفه الجوزجاني  وغيره ، ثم هو محمول على الاستحباب . إذا ثبت هذا ، فإنه يستحب له إتمامه ، وإن خرج منه استحب قضاؤه ; للخروج من الخلاف ، وعملا بالخبر الذي رووه . ( 2098 ) 
فصل : وسائر النوافل من الأعمال  حكمها حكم الصيام ، في أنها لا تلزم بالشروع ، ولا يجب قضاؤها إذا خرج منها ، إلا الحج والعمرة ، فإنهما يخالفان سائر العبادات في هذا ، لتأكد إحرامهما ، ولا يخرج منهما بإفسادهما . ولو اعتقد أنهما واجبان ، ولم يكونا واجبين ، لم يكن له الخروج منهما . 
وقد روي عن  أحمد  في الصلاة ما يدل على أنها تلزم بالشروع ، فإن  الأثرم  قال : قلت  لأبي عبد الله    : الرجل يصبح صائما متطوعا ، أيكون بالخيار ؟ والرجل يدخل في الصلاة أله أن يقطعها ؟ فقال : الصلاة أشد ، أما الصلاة فلا يقطعها . قيل له : فإن قطعها قضاها ؟ قال : إن قضاها فليس فيه اختلاف . ومال أبو إسحاق الجوزجاني  إلى هذا القول ، وقال : الصلاة ذات إحرام وإحلال ، فلزمت بالشروع فيها ، كالحج . 
وأكثر أصحابنا على أنها لا تلزم أيضا . وهو قول  ابن عباس    ; لأن ما جاز ترك جميعه جاز ترك بعضه ، كالصدقة ، والحج والعمرة يخالفان غيرهما . ( 2099 ) فصل : ومن دخل في واجب  ، كقضاء رمضان ، أو نذر معين أو مطلق ، أو صيام كفارة ; لم يجز له الخروج منه ; لأن المتعين وجب عليه الدخول فيه ، وغير المتعين تعين بدخوله فيه ، فصار بمنزلة الفرض المتعين ، وليس في هذا خلاف بحمد الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					