( 2122 ) فصل : ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم  ، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه ، مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة ، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر ، أو آخره ، أو يوم نصفه ، ونحو ذلك . نص عليه  أحمد  ، في رواية  الأثرم    . قال : قيل  لأبي عبد الله    : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديث النهي أن يفرد ، ثم قال : إلا أن يكون في صيام كان يصومه ، وأما أن يفرد فلا . قال : قلت : رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما ، فوقع فطره يوم الخميس ، وصومه يوم الجمعة ، وفطره يوم السبت ، فصام الجمعة مفردا ؟ فقال : هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة ، إنما كره أن يتعمد الجمعة . 
وقال  أبو حنيفة  ،  ومالك    : لا يكره إفراد الجمعة ; لأنه يوم ، فأشبه سائر الأيام . ولنا ما روى  أبو هريرة  ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يصومن أحدكم يوم الجمعة ، إلا يوما قبله أو بعده   } . وقال  محمد بن عباد :  سألت  جابرا  ، { أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة ؟ قال : نعم .   } متفق عليهما . 
وعن  جويرية بنت الحارث  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة ، وهي صائمة ، فقال : { أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : أتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا . قال : فأفطري   } . رواه  البخاري    . وفيه أحاديث سوى هذه ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع . 
وهذا الحديث يدل على أن المكروه إفراده ; لأن نهيه معلل بكونها لم تصم أمس ولا غدا ( 2123 ) 
فصل : قال أصحابنا : يكره إفراد يوم السبت بالصوم    ; لما روى عبد الله بن بسر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تصوموا يوم السبت ، إلا فيما افترض عليكم   } . أخرجه الترمذي  ، وقال : هذا حديث حسن . 
وروي أيضا عن عبد الله بن بسر  ، عن أخته الصماء  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تصوموا يوم السبت ، إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة ، أو عود شجرة ، فليمضغه  } . أخرجه أبو داود    . وقال : اسم أخت عبد الله بن بسر  هجيمة  ، أو جهيمة    . 
قال  الأثرم    : قال  أبو عبد الله    : أما صيام يوم السبت يفرد به فقد جاء فيه حديث الصماء  ، وكان يحيى بن سعيد  يتقيه ، أي : أن يحدثني به ، وسمعته من  أبي عاصم  والمكروه إفراده ، فإن صام معه  [ ص: 53 ] غيره ; لم يكره ; لحديث  أبي هريرة   وجويرية    . 
وإن وافق صوما لإنسان ، لم يكره ، لما قدمناه . وقال أصحابنا : ويكره إفراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم ; لأنهما يومان يعظمهما الكفار ، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما ، فكره كيوم السبت . وعلى قياس هذا ، كل عيد للكفار ، أو يوم يفردونه بالتعظيم . 
				
						
						
