( 210 ) فصل : ويجزئه الاستجمار في النادر ، كما يجزئ في المعتاد .  ولأصحاب  الشافعي  وجه ، أنه لا يجزئ في النادر . قال  ابن عبد البر    : ويحتمل أن يكون قول  مالك  لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر من المذي ، والأمر يقتضي الوجوب . قال  ابن عبد البر    : واستدلوا بأن الآثار كلها على اختلاف ألفاظها وأسانيدها ليس فيها ذكر استنجاء ، إنما هو الغسل ; ولأن النادر لا يتكرر ، فلا يبقى اعتبار الماء فيه ، فوجب ، كغسل غير هذا المحل . 
ولنا أن الخبر عام في الجميع ; وأن الاستجمار في النادر إنما وجب ما صحبه من بلة المعتاد ، ثم إن لم يشق فهو في  [ ص: 103 ] محل المشقة ، فتعتبر مظنة المشقة دون حقيقتها ، كما جاز الاستجمار على نهر جار ، وأما المذي فمعتاد كثير ، وربما كان في بعض الناس أكثر من البول ، قال  علي بن أبي طالب ،  رضي الله عنه : { كنت رجلا مذاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ذاك ماء الفحل ، ولكل فحل ماء .   } وقال  سهل بن حنيف     : كنت رجلا مذاء فكنت أكثر منه الاغتسال ; ولهذا أوجب  مالك  منه الوضوء ، وهو لا يوجبه من النادر ، فليس هو من مسألتنا ، ويجب غسل الذكر منه والأنثيين في إحدى الروايتين تعبدا . والأخرى أنه لا يجب ، وأمره صلى الله عليه وسلم بغسله للاستحباب ، قياسا على سائر ما يخرج . والله أعلم . 
				
						
						
