( 2428 ) فصل : وإذا قدر المحصر على الهدي ، فليس له الحل قبل ذبحه    . فإن كان معه هدي قد ساقه أجزأه ، وإن لم يكن معه لزمه شراؤه إن أمكنه ، ويجزئه أدنى الهدي ، وهو شاة ، أو سبع بدنة ; لقوله تعالى : { فما استيسر من الهدي    } . وله نحره في موضع حصره ، من حل أو حرم . نص عليه  أحمد  وهو قول  مالك  ،  والشافعي  ، إلا أن يكون قادرا على أطراف الحرم  ، ففيه وجهان : أحدهما ، يلزمه نحره فيه ; لأن الحرم  كله منحر ، وقد قدر عليه . والثاني ، ينحره في موضعه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه . 
وعن  أحمد    : ليس للمحصر نحر هديه إلا في الحرم  ، فيبعثه ، ويواطئ رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه . وهذا يروى عن  ابن مسعود  ، في من لدغ في الطريق . وروي نحو ذلك عن الحسن  ، والشعبي  ،  والنخعي  ،  وعطاء    . 
وهذا ، والله أعلم ، في من كان حصره خاصا ، وأما الحصر العام فلا ينبغي أن يقوله أحد ; لأن ذلك يفضي إلى تعذر الحل ، لتعذر وصول الهدي إلى محله ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحروا هداياهم في الحديبية  ، وهي من الحل . قال  البخاري    : قال  مالك  وغيره : إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا ، وحلوا من كل شيء ، قبل الطواف ، وقبل أن يصل الهدي إلى البيت    . ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحدا أن يقضي شيئا ، ولا أن يعودوا له . 
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان . وهي من الحل باتفاق أهل السيرة والنقل . قال الله تعالى : { والهدي معكوفا أن يبلغ محله    } . ولأنه موضع حله ، فكان موضع نحره ، كالحرم  ، وسائر الهدايا يجوز للمحصر نحرها في موضع تحلله . فإن قيل : فقد قال الله تعالى : { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله    } . 
وقال : { ثم محلها إلى البيت العتيق     } . ولأنه ذبح يتعلق بالإحرام ، فلم يجز في غير الحرم  ، كدم الطيب واللباس . قلنا : الآية في حق غير المحصر ، ولا يمكن قياس المحصر عليه ; لأن تحلل المحصر في الحل ، وتحلل غيره في الحرم  ، فكل منهما ينحر في موضع تحلله . وقيل في قوله : { حتى يبلغ الهدي محله    } . أي حتى يذبح ، وذبحه في حق المحصر في موضع حله ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					