( 2543 ) فصل : وإذا نحر الهدي ، فرقه على المساكين  من أهل الحرم ، وهو من كان في الحرم . فإن أطلقها لهم جاز ، كما روى  أنس  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر خمس بدنات ، ثم قال : { من شاء فليقتطع   } . رواه أبو داود    . وإن قسمها فهو أحسن وأفضل ، ولا يعطي الجازر بأجرته شيئا منها ; لما روي عن  علي  رضي الله عنه قال : { أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه ، وأن أقسم بدنه كلها ، جلودها وجلالها ، وأن لا أعطي الجازر منها شيئا ، وقال : نحن نعطيه من عندنا   } متفق على معناه . ولأنه بقسمها يكون على يقين من إيصالها إلى مستحقها ، ويكفي المساكين مؤنة النهب والزحام عليها . وإنما لم يعط الجازر بأجرته منها ; لأنه ذبحها ، فعوضه عليه دون المساكين ، ولأن دفع جزء منها عوضا عن الجزارة كبيعه ، ولا يجوز بيع شيء منها  ، وإن كان الجازر فقيرا ، فأعطاه لفقره سوى ما يعطيه أجره ، جاز ; لأنه مستحق الأخذ منها لفقره ، لا لأجره ، فجاز كغيره ، ويقسم جلودها وجلالها ، كما جاء في الخبر ; لأنه ساقها لله على تلك الصفة ; فلا يأخذ شيئا مما جعله ، لله . 
وقال بعض أصحابنا : لا يلزمه إعطاء جلالها ; لأنه إنما أهدى الحيوان دون ما عليه ( 2544 ) فصل : والسنة النحر بمنى     ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بها ، وحيث نحر من الحرم أجزأه ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل منى  منحر ، وكل فجاج مكة  منحر وطريق   } . رواه أبو داود    . 
( 2545 ) فصل : وليس من شرط الهدي أن يجمع فيه بين الحل والحرم  ، ولا أن يقفه بعرفة  ، لكن يستحب ذلك . روي هذا عن  ابن عباس  ، وبه قال  الشافعي  ،  وأبو ثور  ، وأصحاب الرأي    . وكان  ابن عمر  لا يرى الهدي إلا ما عرف به ، ونحوه عن  سعيد بن جبير    . وقال  مالك    : أحب للقارن أن يسوق هديه من حيث يحرم  ، فإن ابتاعه من دون ذلك ، مما يلي مكة  بعد أن يقفه بعرفة  ، جاز . وقال في هدي المجامع : إن لم يكن ساقه  ، فليشتره من مكة  ، ثم ليخرجه إلى الحل ، وليسقه إلى مكة    . ولنا ، أن المراد من الهدي نحره ، ونفع المساكين بلحمه ، بهذا لا يقف على شيء مما ذكروه ، ولم يرد بما قالوه دليل يوجبه ، فيبقى على أصله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					