( 2587 ) فصل : ويستحب أن يقف المودع في الملتزم  ، وهو ما بين الركن والباب ، فيلتزمه ، ويلصق به صدره ووجهه ، ويدعو الله عز وجل    ; لما روى أبو داود  ، عن  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، قال طفت مع عبد الله  ، فلما جاء دبر الكعبة  ، قلت : ألا تتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار . ثم مضى حتى استلم الحجر ، فقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا - وبسطها بسطا - وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . وعن عبد الرحمن بن صفوان  ، قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة  ، انطلقت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة  ، هو وأصحابه ، قد استلموا الركن من الباب إلى الحطيم  ، ووضعوا خدودهم على البيت ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم . رواه أبو داود    . وقال منصور    : سألت  مجاهدا    : إذا أردت الوداع ، كيف أصنع ؟ قال : تطوف بالبيت  سبعا ، وتصلي ركعتين خلف المقام  ، ثم تأتي زمزم  فتشرب من مائها ، ثم تأتي الملتزم  ما بين الحجر والباب ، فتستلمه ، ثم تدعو ، ثم تسأل حاجتك ، ثم تستلم الحجر ، وتنصرف . 
وقال بعض أصحابنا : ويقول في دعائه : اللهم هذا بيتك ، وأنا عبدك ، وابن عبدك ، حملتني على ما سخرت لي من خلقك ، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك ، وأعنتني على أداء نسكي ، فإن كنت رضيت عني ، فازدد عني رضا ، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري ، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي ، غير مستبدل بك ولا ببيتك ، ولا راغب عنك ولا عن بيتك ، اللهم فأصحبني العافية في بدني ، والصحة في جسمي ، والعصمة في ديني ، وأحسن منقلبي ، وارزقني طاعتك أبدا ما أبقيتني ، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء قدير . 
وعن  طاوس  قال : رأيت أعرابيا أتى الملتزم ، فتعلق بأستار الكعبة  ، فقال : بك أعوذ ، وبك ألوذ ، اللهم فاجعل لي في اللهف إلى جودك ، والرضا بضمانك ، مندوحا عن منع الباخلين ، وغنى عما في أيدي المستأثرين ، اللهم بفرجك القريب ، ومعروفك القديم ، وعادتك الحسنة . ثم أضلني في الناس ، فلقيته بعرفات  قائما ، وهو يقول : اللهم إن كنت لم تقبل حجتي وتعبي ونصبي ، فلا تحرمني أجر  [ ص: 240 ] المصاب على مصيبته ، فلا أعلم أعظم مصيبة ممن ورد حوضك ، وانصرف محروما من وجه رغبتك . 
وقال آخر : يا خير موفود إليه ، قد ضعفت قوتي ، وذهبت منتي ، وأتيت إليك بذنوب لا تغسلها البحار ، أستجير برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك ، رب ارحم من شملته الخطايا ، وغمرته الذنوب ، وظهرت منه العيوب ، ارحم أسير ضر ، وطريد فقر ، أسألك أن تهب لي عظيم جرمي ، يا مستزادا من نعمه ، ومستعاذا من نقمه ، ارحم صوت حزين دعاك بزفير وشهيق ، اللهم إن كنت بسطت إليك يدي داعيا ، فطالما كفيتني ساهيا ، فبنعمتك التي تظاهرت علي عند الغفلة ، لا أيأس منها عند التوبة ، فلا تقطع رجائي منك لما قدمت من اقتراف ، وهب لي الإصلاح في الولد ، والأمن في البلد ، والعافية في الجسد ، إنك سميع مجيب ، اللهم إن لك علي حقوقا ، فتصدق بها علي ، وللناس قبلي تبعات فتحملها عني ، وقد أوجبت لكل ضيف قرى ، وأنا ضيفك الليلة ، فاجعل قراي الجنة ، اللهم إني سائلك عند بابك ، من ذهبت أيامه ، وبقيت آثامه ، وانقطعت شهوته ، وبقيت تبعته ، فارض عنه ، وإن لم ترض عنه فاعف عنه ، فقد يعفو السيد عن عبده ، وهو عنه غير راض . ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم . 
والمرأة إذا كانت حائضا لم تدخل المسجد ، ووقفت على بابه ، فدعت بذلك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					