[ ص: 154 ] فصل : والاحتكار المحرم  ما اجتمع فيه ثلاثة شروط ; أحدها ، أن يشتري ، فلو جلب شيئا ، أو أدخل من غلته شيئا ، فادخره ، لم يكن محتكرا . روي [ عن ] الحسن   ومالك  وقال الأوزاعي  الجالب ليس بمحتكر ; لقوله {   : الجالب مرزوق ، والمحتكر ملعون   } ولأن الجالب لا يضيق على أحد ، ولا يضر به ، بل ينفع ، فإن الناس إذا علموا عنده طعاما معدا للبيع ، كان ذلك أطيب لقلوبهم من عدمه . الثاني ، أن يكون المشترى قوتا . 
فأما الإدام ، والحلواء ، والعسل ، والزيت ، وأعلاف البهائم ، فليس فيها احتكار محرم . قال  الأثرم :  سمعت  أبا عبد الله  يسأل ، عن أي شيء الاحتكار ؟ قال : إذا كان من قوت الناس فهو الذي يكره . وهذا قول  عبد الله بن عمرو    . وكان  سعيد بن المسيب  وهو راوي حديث الاحتكار - يحتكر الزيت . قال أبو داود    : كان يحتكر النوى ، والخيط ، والبزر ولأن هذه الأشياء مما لا تعم الحاجة إليها ، فأشبهت الثياب ، والحيوانات . الثالث ، أن يضيق على الناس بشرائه . ولا يحصل ذلك إلا بأمرين ; أحدهما ، يكون في بلد يضيق بأهله الاحتكار ، كالحرمين  ، والثغور . قال  أحمد    : الاحتكار  في مثل مكة  والمدينة ،  والثغور . 
فظاهر هذا أن البلاد الواسعة الكثيرة المرافق والجلب كبغداد  ، والبصرة  ومصر  ، لا يحرم فيها الاحتكار ; لأن ذلك لا يؤثر فيها غالبا . الثاني ، أن يكون في حال الضيق ، بأن يدخل البلد قافلة فيتبادر ذوو الأموال فيشترونها ، ويضيقون على الناس . فأما إن اشتراه في حال الاتساع والرخص ، على وجه لا يضيق على أحد فليس بمحرم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					