( 3753 ) فصل : إذا وكل رجلا في الخصومة  ، لم يقبل إقراره على موكله بقبض الحق ولا غيره . وبه قال  مالك  ،  والشافعي  ،  وابن أبي ليلى    . وقال  أبو حنيفة   ومحمد    : يقبل إقراره في مجلس الحكم ، فيما عدا الحدود والقصاص . وقال  أبو يوسف    : يقبل إقراره في مجلس الحكم وغيره ; لأن الإقرار أحد جوابي الدعوى ، فصح من الوكيل ، كالإنكار . 
ولنا ، أن الإقرار معنى يقطع الخصومة وينافيها ، فلا يملكه الوكيل فيها ، كالإبراء . وفارق الإنكار ; فإنه لا يقطع الخصومة ، ويملكه في الحدود والقصاص ، وفي غير مجلس الحاكم . ولأن الوكيل لا يملك الإنكار على وجه يمنع الموكل من الإقرار ، فلو ملك الإقرار ، لامتنع على الموكل الإنكار ، فافترقا ، ولا يملك المصالحة عن الحق ، ولا الإبراء منه ، بغير خلاف نعلمه ; لأن الإذن في الخصومة لا يقتضي شيئا من ذلك . وإن أذن له في تثبيت حق ، لم يملك قبضه . وبه قال  الشافعي  وقال  أبو حنيفة    : يملك قبضه ; لأن المقصود من التثبيت قبضه وتحصيله . ولنا ، أن القبض لا يتناوله الإذن نطقا ولا عرفا ، إذ ليس كل من يرضاه لتثبيت الحق يرضاه لقبضه . وإن وكله في قبض حق ، فجحد من عليه الحق  ، كان وكيلا في تثبيته عليه ، في أحد الوجهين . وبه قال  أبو حنيفة    . 
والآخر : ليس له ذلك ، وهو أحد الوجهين لأصحاب  الشافعي    ; لأنهما معنيان مختلفان ، فالوكيل في أحدهما لا يكون وكيلا في الآخر ، كما لا يكون وكيلا في القبض بالتوكيل في الخصومة . ووجه الأول ، أنه لا يتوصل إلى القبض إلا بالتثبيت ; فكان إذنا فيه عرفا ، ولأن القبض لا يتم إلا به ، فملكه ، كما لو وكل في شراء شيء ملك وزن ثمنه ، أو في بيع شيء ملك تسليمه . ويحتمل أنه إن كان الموكل عالما بجحد من عليه الحق أو مطله ، كان  [ ص: 59 ] توكيلا في تثبيته والخصومة فيه ، لعلمه بوقوف القبض عليه . وإن لم يعلم ذلك ، لم يكن توكيلا فيه ; لعدم علمه بتوقف القبض عليه . ولا فرق بين كون الحق عينا أو دينا . وقال بعض أصحاب  أبي حنيفة    : إن وكله في قبض عين لم يملك تثبيتها ; لأنه وكيل في نقلها ، أشبه الوكيل في نقل الزوجة . 
ولنا ، أنه وكيل في قبض حق ، فأشبه الوكيل في قبض الدين . وما ذكروه يبطل بالتوكيل في قبض الدين ; فإنه وكيل في قبضه ونقله إليه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					